10 سبتمبر 2025
تسجيللهذا نجد أيضاً أن نبي الله أيوب عليه السلام وهو النبي الذي أصابه الابتلاء بالمرض والضر، وهو يشير بصراحة إلى أن هذا الضرر والمرض والابتلاء في صحته وجسده الذي أصابه، إنما هو بفعل هذا الشيطان وهو الذي أشارت إليه الآية الكريمة "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" الآيات 41-42 سورة ص. وكذلك عندما تجد نبينا موسى عليه السلام وهو النبي القوي الشديد صاحب القوة الجسدية الهائلة والذي لا يعرف إلا لغة البطش والقوة في مواجهة خصومه وقصته المعروفة في القرآن الكريم مع الأختين اللتين سقى لهما الماء وتزوج لاحقاً بإحداهما وأصبحت زوجته على لسان إحداهن بقولها لأبيها "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" الآية 26 سورة القصص، وذلك لمعرفتها التامة بنبينا موسى عليه السلام من اندفاعه في حصوله على توفر الماء لهما من بين عصبة الرجال الرعاة السقاة الذين كانوا يتنازعون ويتهافتون على إحضار الماء من مصدره وهي البئر والتي لم يكن بمستطاع الأختين الحصول على الماء بسبب عدم قدرتهما على المزاحمة بين هؤلاء العصبة من الرعاة بسبب أنهما امرأتان وأبوهما شيخ كبير.. بفضل ما يتمتع به نبينا موسى عليه السلام بصفتَي (القوة والأمانة)، وهو مصداق ما أشارت إليه الآية الكريمة، وحيث يذكر الله سبحانه وتعالى أن أسلوب نبينا موسى عليه السلام في استخدام هذا السلوك البشري من البطش والقوة والغضب المصاحب لهما، إنما هو من إيحاءات الشيطان وهمزاته ولمزاته، وهو ما اعترف به نبينا موسى عليه السلام كما أشارت إليه الآية الكريمة "فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّهُۥ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ" الآية 15 سورة القصص. وأيضاً في قصة نبينا يوسف عليه السلام تجد أن ما تعرض له من مؤامرات أخوته عليه وإلقائه في البئر وكل ما وصفته السورة، وهي سورة يوسف من هذه القصة، وهو كما ذكره الحق سبحانه وتعالى على لسان نبينا يوسف عليه السلام "وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي" الآية 100 سورة يوسف. إنه النزغ الشيطاني الذي أصاب أخوة يوسف عبر نوازع الغيرة والحسد واستثارتها في نفوس أخوته التي هيأت لهم مؤامرة قتله وإلقائه في غيابات الجب، وكما أوضحتها السورة العظيمة وبكل تفاصيلها وعبرها.. وأيضاً تجد في قضية نبينا إبراهيم عليه السلام أن كل محاولاته لثني وصرف أبيه عن عبادة الأصنام إنما مرده إلى سيطرة الشيطان على عقل وفكر وجحود وعناد أبيه في التمسك بعبادة الأصنام والأوثان. وكما أشار إليه الحق سبحانه وتعالى على لسان نبينا إبراهيم عليه السلام "يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا" الآية 44 سورة مريم.. وقوله سبحانه وتعالى أيضاً "يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا" الآية 45 سورة مريم.. وكذلك نجد دور الشيطان في كثير من مسائل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتي عن طريقها تصاب الإنسانية بالمشاكل والأضرار والمصائب والأزمات والتي يأتي الله سبحانه وتعالى محذراً الإنسانية في ارتكابها وممارستها وذلك مثل قوله تعالى "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ" الآية 90 سورة المائدة.. وقوله سبحانه وتعالى في نفس الآية معقباً " إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ" الآية 91 سورة المائدة. والإحصاءات العالمية اليوم شاهدة على أثر تفشي تجارة الكحول والخمور والمشروبات الكحولية وآثارها المدمرة على الصحة والعلاقات الأسرية وغيرها. وكذلك أيضاً تجارة الميسر والقمار والتي هي أيضاً كذلك بأضرارها ومساوئها على حياة الأفراد والأسر والمجتمعات من تفشي العنف الأسري.. والجريمة.. والقتل.. والانتحار وغيرها مما يدل على أثر الشيطان في استخدام هذه الوسائل المحرمة في الإضرار بالإنسانية في كل ما يتعلق بنواحي حياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها.. بالرغم من أن هذه الدول قد شرعت ونظمت القوانين في التعامل مع هذه التجارات، لكنها لم تفلح حتى الآن من نتائجها وآثارها السيئة والضارة على مجتمعاتها، وحتى في مسألة الاقتصاد المالي، تجد للشيطان دوره في خلق دروب العبث بالمال وتبذيره وصرفه لأولئك الذين يجعلون من المال طريقاً نحو الإسراف والتبذير والسفاهة وخلق فئة من السفهاء المبذرين، واصفاً الحق سبحانه وتعالى هذا الأمر، ومشيراً إليه في الآية الكريمة "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ" الآية 27 سورة الإسراء. آخر الكلمات: أعزائي القراء الكرام، أعتذر عن مواصلة الكتابة في زاويتي آفاق الكلمة اعتباراً من الأسبوع المقبل، وذلك لانشغالي بالإعداد للإجازة الصيفية خلال شهري أغسطس وسبتمبر، وسأعاود الكتابة واللقاء معكم من جديد اعتبارا من شهر أكتوبر2021، ومواصلة سلسلة مقالات الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري. حتى ذلك الحين أتمنى للجميع إجازة صيفية وإلى لقاء قريب إن شاء الله.. وعلى الخير والمحبة نلتقي. [email protected]