13 سبتمبر 2025
تسجيل"بالأمس كان الجو حارا جدا في قطر، الحرارة التي لا يكون بمقدورك التقاط أنفاسك بسببها. ذهبت في هذا الجو إلى مركز خدمات لأخلص معاملاتي، وانتظرت هناك لمدة ساعة، ليأتي دوري ويخبرني الموظف بأن أخلصها عند موظف آخر لأنها ليست من اختصاصه! راجعت بعد ذلك الموظف الآخر الذي دلني عليه الموظف الأول، ليخبرني بأن الموضوع ليس من اختصاصه كذلك، ولا يعرف اختصاص من! سألته: إذاً، من أراجع؟! فرد علي: اسأل الاستقبال!". سأتوقف عن سرد هذه القصة التي قد تكون واقعية جداً لدى الكثير، وسأسأل: ماذا لو تم ارسال هذا الموقف كمقطع صوتي في مجموعة العائلة على الواتساب؟ على الأرجح أن البعض لن يعيره أي اهتمام أو أنهم سيتفهمون الموقف لأنهم قد مروا به من قبل. ولكن ماذا لو تلفظ رجل أعمال أجنبي (غير قطري) بهذا الموقف في حسابه على سناب شات؟ الأكيد أن البعض سيركز على كل حرف وكلمة تم البوح بها لأنها انتقاد خرج من فم أجنبي لا قطري!. هذه الموجة من عدم التسامح مع أي شيء يقوله أو يفعله الأجنبي، لا ترتفع اليوم في الخليج وحسب، بل في كل مكان حول العالم، وهي اليوم ترتفع أمتاراً طويلة مقارنة بالوضع قبل عشرين سنة مثلاً. وأسباب عدم التسامح تتعدد ولكن السبب الرئيس والأهم هو وجود الاختلافات بين المواطن والأجنبي، سواء أكان هذا الاختلاف في الجنسية أو اللون أو العرق أو المستوى المعيشي أو المعرفي أو العملي أو غيره. المهم هو أن السبب هو الاختلاف. الانسان لا يتعارض مع انسان يشبهه في الأمور الأساسية بالنسبة إليه، ولكنه قد يتعارض مع انسان يختلف معه في هذه الأمور. والتعارض والاختلاف وحتى الخلاف وارد الحدوث بين الناس، فمن في هذا اليوم مثلاً بالتحديد لم يختلف مع شخص آخر في رأي واحد على الأقل؟! الحل لا يكون أبداً في الهجوم الشخصي ودعوات الطرد من البلد!. الأجدى هو معرفة أن السبب الحقيقي وراء كل هذه العصبية هو الاختلاف، وأن العقلية المنتشرة هذه الأيام والمتمثلة في "نحن" و"هم" هي ما تجعل هذا "الاختلاف" شيئا لا يطاق. وهو في الواقع اختلاف كأي اختلاف آخر. بل إن الأمور المتشابهة بين الناس هي أكثر من الأمور المختلف فيها. كما قال الله تعالى في سورة البقرة: (كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البَيِّناتُ بَغْيًا بَيْنَهم). (٢١٣). ما دام "الغريب أديب"، في تعبيره عن مشاعره وأفكاره ونقده وبعيداً عن الرغبة في الإضرار بالوطن. لا يبقى إلا قبول اختلافه والابتعاد عن الحساسيات التي تهدم الأمم والأوطان.. ويا قريب كن فهيم!