30 أكتوبر 2025

تسجيل

عائل مستكبر

28 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الكِبر خلق مذموم، وصفة تتولد عنها جملة من الخصال السيئة منها رد الحق، وازدراء الناس، كما جاء في الأثر الصحيح.والمستكبرون الذين عرفهم الناس ما حملهم على هذا الخلق القبيح إلا شعور كاذب بالتميز(أنؤمن لك واتبعك الأرذلون)، وإعجاب بما يتمتعون به من قدرات وإمكانات خوّلهم الله إياها؛ ففرعون- رمز الاستكبار- كان ملكا ذا سلطان واسع ولسان قاطع(ونادى فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) وغالب المستكبرين الذين قص القرآن خبرهم، وذكر عاقبتهم، هم من هذا الصنف المتمكِّن الذي يمتلئ جوفه بالغرور وينطلق لسانه بالزور.وثمة صنف آخر من البشر لا يتميزون عن غيرهم بشئ، عقولهم كليلة، ومواهبهم متواضعة، ولكنهم مع ذلك كله يسيرون في الأرض سيرة المستكبرين، وهذا الصنف حقيق أن لا يقال له تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ، وإنما يقال له اعرف قدرك، واستكمل نقصك، ولا تكن كعائل مستكبر!إن الإسلام يكره كل خلق ذميم، ولكن كرهه للأوضاع الشاذة التي تنبت فيها هذه الأخلاق أشد، ولذلك جاء في بعض الآثار أن الإمام الكاذب والشيخ الزاني والعائل المستكبر أبغض إلى الله من غيرهم، لأن الظن في هؤلاء أن يكونوا أبعد الناس عن هذه الخصال الخسيسة، ولكنهم أبوا إلا أن يتلوثوا بما تلوثوا به.إن الكبر خلق قد يتجسد للناس في صور شاخصة، في مشية رعناء، أوعُشرة سيئة، قال تعالى عن قارون:(فخرج على قومه في زينته) وقال لقمان لابنه: (ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) وفي الحديث الصحيح (بينما رجل يمشي في حُلة تعجبه نفسه مُرجّل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)، والعائل المستكبر ربما لا تسعفه ظروفه أن يخرج على الناس خروج قارون، لكنه ربما تلبّث بسلوك آخر أشنع منه، كأن يعتد -مثلا - بما عنده من معرفة وكسب ضئيل، فصاحب النفس المتعاظمة لا يرى أنه بحاجة إلى أن يأخذ عن أحد شيئا، وحسبه في ميدان العلم أن يسمع آيات الله تُتْلى عليه ثم يُصر مستكبرا كأن لم يسمعها، وإذا قُدِّر له أن يعبِّر عن موقفه فيما سمع ورأى فإنه لا يزيد على أن يقول(لو كان خيرا ما سبقونا إليه) أو يكتفي بإطلاق الدعاوى العريضة كلما فاجأته الحقائق(لو نشاء لقلنا مثل هذا.)إن هذه التصرفات التي تصدر عن كل عاطل مغرور، أو عائل مستكبر تكاد أن تكون سلوكا ماثلا عند كثير من الناس الذين يغلقون عقولهم على قناعات لا تستند على منطق صحيح، أو برهان ناصع، ولكنهم مصمّمون على التشبث بها، مهما بدا بطلانها.وأما المُخبِت المتضامِن فإنه لا يستنكف أن يأخذ عمّن فوقه ومن تحته حكمة وعلما، وقد قال موسى كليم الله لعبد من عباد الله الصالحين:(هل أتّبعُك على أن تعلِّمن مما عُلّمت رشدا)