16 سبتمبر 2025
تسجيللم يلعبِ الـمنتخبُ الجزائريُّ أمام روسيا بأحد عشر لاعباً فحسب، وإنما لعبتْ معه قلوبُ ثلاثمائةِ مليونِ عربيٍّ، نبضتْ بالأملِ طوالَ الـمباراةِ، فكأنها كانتْ على يقين بأنها على موعدٍ مع الفرحِ أهداهُ إليها منتخبُ الجزائرِ الحبيبةِ، الذي يُمثلُ الأمةَ العربيةَ كلَّها في مونديالِ البرازيلِ، حين تأهَّل لدور الستة عشر بعد مباراةٍ كبيرةٍ تعادَلَ فيها مع الـمنتخبِ الروسيِّ.الواقفونَ عند حدودِ ما يريدُه الآخرون لهم، لا يحققون إنجازاً، فالجزائريون، الذين يحملون تاريخاً عظيماً من التصميمِ والإرادةِ والفِـداءِ، تخطوا كلَّ العقباتِ والحواجزَ، وكان الأحفادُ كأجدادِهم العِظامِ كالأمير عبدالقادر، والشيخ عبدالحميد بن باديس وسواهما من شخصياتٍ تعيشُ في وجدانِـنا العربيِّ، فاستطاعوا أنْ يُعِـدُّوا منتخباً جديراً بتمثيلِ العربِ وبَيانِ تَقَـدُّمِ وتَطَـوُّرِ كرةِ القدمِ العربيةِ. هذا الـمنتخبُ الذي تتلهَّفُ القلوبُ لتحقيقِـهِ الفوزَ على الـمنتخبِ الألمانيِّ، لا نطالبُهُ بمعجزةٍ ولكننا ندعوه لَّلعبِ بروحِ قتاليةٍ عاليةٍ، وتقديمِ مستوًى فنيٍّ يليقُ بمئاتِ الـملايين الذين تتعلقُ قلوبُهُم به، ونتمنى أنْ يُخَـلَّدَ اسمُهُ كمنافسٍ صلبٍ قويٍّ في سِجِـلَّاتِ البطولةِ.ولأنَّ الحديثَ عن الإنجازِ متصلٌ، فلن نُحللَ فنياً وإنما سننطلقُ إلى مستوى آخر يتعلقُ بالنظرةِ العنصريةِ الأوروبية تجاه الإنسانِ العربيِّ، حيث نلاحظ أنَّ وجوه الشَّـبَهِ كثيرةٌ بين التَّعاملِ الصحفيِّ الغربيِّ مع الحالة القطرية في تحقيق الفوز بتنظيم مونديال 2022م، والحالةِ الجزائرية في تحقيق الصعود إلى دور الستة عشر، فالصحافةُ البريطانيةُ لم تزلْ تعيشُ أوهامَ الدولةِ العالميةِ التي تخضعُ الشعوبُ لها، فنراها تستكثرُ على الإنسانِ العربيِّ مُمثلاً في قطر أنْ يحققَ إنجازاً كونياً في تنظيمِ الـمونديالِ، ونجدُها تتحدث عن أمورٍ افتراضيةٍ لا شأن لها بإمكانات بلادِنا البشريةِ والاقتصاديةِ والـمَدنيةِ، بهدفِ الإساءةِ والتشهيرِ، أما الجزائرُ فإنَّ الصحافةَ الألمانيةَ التي لم تزلْ تعيشُ حلم سموِّ العنصرِ الآريِّ على كلِّ البشرِ، فإنها لم تخرجْ علينا بتحليلاتٍ فنيةٍ وإنما بسخريةٍ عنصريةٍ من الإنسانِ العربيِّ الجزائريِّ الذي أتى من عالمٍ آخر لا صِلاتَ تجمعُـهُ بعالمِ الإنسانِ الغربيِّ الـمتمدنِ الـمُتحضِّرِ.نقولُ للذين يَتَـقَـوَّلونَ على منتخبِنا الجزائريِّ، إنَّ تُرهاتِـهِـم كأمطارِ الصيفِ لا زرعاً تُنبتُ ولا ظمأً تروي، إذ كان كافياً للجزائريين أنْ يفخروا بأنهم من ضمن النُّخبةِ في منتخباتِ العالم، لكنهم قدموا حتى الآن مستوًى يجعلُ كلَّ عربيٍّ يفخرُ بمنتخبِـهِم. والغريبُ في القَـوَّالين، وبعضُهم من أبناءِ جلدتِنا، أنَّ لسانَـهم ينطقُ بروحٍ لا صلةَ لها بأواصرِ الإسلامِ والعروبةِ، حتى بِتنا نتصوَّرُ أنهم ناطقون باسمِ الصحافةِ الغربيةِ، وكأنَّ بلدَ الـمليونِ شهيدٍ ليس جزءاً عزيزاً كريماً من أمتِنا، لكننا لن نأبَـهَ لهم لأننا اعتدنا وجودَهم كـمُعَوِّقاتٍ يُرادُ منها تعطيلَ أيَّـةِ مسيرةٍ حتى لو كانت رياضيةً.كلمةٌ أخيرةٌ:شموسُ فخرِنا العربيِّ أشرقتْ من مغربِنا الحبيبِ، فأهدتنا تونسُ بدايةَ الخلاصِ من الديكتاتوريةِ، وها هي الجزائرُ تُهدينا أملاً كروياً سيكون قاعدةً يُبنى عليها في تاريخِ الكرةِ العربيةِ، إنْ شاء الله.