14 سبتمبر 2025
تسجيلدراسة أحداث هذا العام توضح أن الأزمة التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي أكثر تعقيدا مما تصوره وسائل الإعلام، فهي ليست مجرد احتجاجات على خطة نتن ياهو للإصلاح القضائي، ولكنها مجرد إشارة لانقسام حقيقي، لا يستطيع فيه اتجاه أن يحقق أغلبية برلمانية، أو يشكل حكومة مستقرة. وهربا من مواجهة الأزمة الداخلية التي تتصاعد حدتها قام نتن ياهو بشن العدوان على غزة، وقتل العشرات من الفلسطينيين، لكن أزمته تزايدت نتيجة فشله في مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية مما دفعه لطلب وقف إطلاق النار. حرب أهلية قادمة! يقول جوناثان كوك: إن قادة إسرائيل ظلوا خائفين من هجوم شامل تشنه الدول العربية، لذلك لم يهتموا بالتناقضات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، حتى أصبح على شفا حرب أهلية، ولكي نفهم كيف وصلت إسرائيل إلى هذه المرحلة يجب أن نقرأ القصة من البداية، حيث تم إنشاء دولة لتكون الملاذ الآمن لليهود، عن طريق اغتصاب مئات المدن والقرى الفلسطينية، مما شكَّلَ كارثة للفلسطينيين بمساعدة القوى الغربية. كما أن هذه الدولة الإسرائيلية كانت نتيجة لعملية تطهير عرقي ضد الفلسطينيين، وسرقة شاملة لأراضيهم.. لكن ذلك خلق انقساما دينيا وعرقيا وطبقيا بين اليهود، حيث كان قادة إسرائيل من وسط وشرق أوروبا، ويطلق عليهم "الأشكناز"، وقاموا بتشكيل نظام "الكيبوتز" ليكون نظاما مغلقا على النخبة الأشكنازية، ولا يسمح لليهود الذين جاءوا من دول عربية مثل العراق والمغرب واليمن الذين يطلق عليهم "المزراحيين" بدخول هذه المجتمعات.وهذه الكيبوتزات ليست فقط أماكن جيدة للحياة في البيوت والحدائق الجميلة، لكن تم إغلاقها على النخبة الاشكنازية التي تشمل الرتب العليا في الجيش، وكبار موظفي الحكومة، ورجال الأعمال والقضاة، الذين تعاملوا مع "المزراحيين" بعنصرية واحتقار، ووضعوهم في مواجهة مع الفلسطينيين، مما أدى إلى شعورهم بأنهم يتحملون عبء الحرب؛ دون أن يكون لهم نصيب من القوة والسلطة، وأنهم يتعرضون للاضطهاد. نتنياهو والانقسام السياسي بالرغم من انتماء نتن ياهو للاشكناز إلا أنه نجح في استخدام هذا الانقسام لمصلحته، فقام بتغذية شعور "المزراحيين" بالمعاناة وعدم العدالة، مما أدى إلى زيادة الانقسام على أسس عنصرية ودينية وطبقية، لذلك يرى جوناثان كوك أن المظاهرات معركة للسيطرة على المجال العام. لكن هناك عوامل أخرى، فبعد النصر الذي حققته إسرائيل على الدول العربية عام 1967، وتم تصويره بأنه معجزة دينية، تزايد التعصب الديني، وتواكب ذلك مع الاندفاع لإنشاء المستوطنات في الضفة الغربية، والتوسع في التعليم الديني مما أدى إلى زيادة قوة الأصوليين الدينيين المتطرفين "الحريديم" الذين أصبح يقودهم بن غفير. ويخطط هذا التيار الديني لطرد الفلسطينيين، وارتكاب جرائم تطهير عرقي ضدهم بهدف إعادة بناء الدولة اليهودية على أسس دينية، وهكذا أطلق نتن ياهو المارد الديني العنصري، مما أدى إلى زيادة خطر الحرب الأهلية. إنها دولة "أبارتايد" توضح الأحداث – كما يرى جوناثان كوك – أن إسرائيل دولة فصل عنصري "أبارتايد"، وأن العنصرية ترتبط بحرب ثقافية بين جبهتين لا تستطيع إحداهما أن تحسم الصراع لصالحها، وهذا يعني أن تلك الحرب سوف تتصاعد حدتها، ويمكن أن تدفع المجتمع الإسرائيلي إلى حرب أهلية. لكن ذلك يمكن أن يدفع نتن ياهو إلى شن العدوان على غزة، والقيام بتنفيذ مخطط اليمين الديني بالتطهير العرقي للفلسطينيين، واغتصاب ممتلكاتهم، وسيشعل ذلك حربا شاملة في المنطقة، ويمكننا أن نرى بوضوح نذر الخطر الذي يهدد المنطقة كلها.