18 سبتمبر 2025
تسجيلتلك هي حقيقة الحياة كل شئ فيها لا يدوم لا مال ولا جمال ولا غنى ولا فقر ولا صحة ولا منصب، كل شئ زائل لا يستدعي الغرور والتفاخر والكبرياء والتكبر، فالحياة قصيرة ولا يبقى فيها للانسان الا السيرة الطيبة والذكرى الطيبة حتى بعد مغادرته، لذلك دائما نردد مقولة ؛لو دامت لغيرك ما وصلت لك " حين يعتلي الشخص منصبا قياديًا يستشعر خلالها بالهيبة والاستعلاء والسلطة والقوة، يتكبر يستغل ينهب يستفيد، يمنع ويؤجل معاملات المتعاملين وكأنه فرعون عصره، جميعها مواقف لا تنسى يذكرها الآخرون حين يرحل القيادي من منصبه، فالمتغيرات كثيرة والشواهد كثيرة، هناك من يعزل من منصبه فجأة بسبب أو غير سبب، هناك من يتقاعد، وهناك من يفارق الحياة، ولا يبقى الا الأثر طيبًا كان أو سيئًا. …. استوقفت عند تلك العبارة خلال ما نسمع عن من غادروا مناصبهم القيادية وأصبحوا في عالم النسيان بعد مغادرتهم، والتي تحاكي الواقع الوظيفي وتتداول بين الأوساط العامة حينما يتزحزح كرسي القيادة من كلفوا بادارة اي منصب وظيفي قيادي وزيرا أو رئيسا أو وكيلا أو مديرا، من بيدهم الحل والربط في التعامل مع الآخرين وتسيير متطلباتهم واحتياجاتهم، من يمتلك الحق في اتخاذ القرار تجاه من يتعامل معهم، فيصبح هامشيًا كأن لم يكن بالأمس،، انها كلمات بسيطة لكن مدلولاتها عميقة، لها قيمة خُلقية متى ما استشعر صاحب المنصب القيادي بأن المنصب ليس لذاته انما لتسيير مصلحة وطنه وأبناء وطنه، وأمانة يحاسب عليه، وترصد في ميزانه يوم الحساب، و متى ما استشعر أنه وسيلة لادارة دفة المنصب ومؤتمن عليه وليس ملكًا له، متى ما سبق ضميره مصلحته، ومتى ما استطاع أن يحقق العدل في التعامل وتطبيق القرارات مع جميع المتعاملين باختلاف فئاتهم، ومتى ما أدرك أن المنصب تكليف وليس تشريفا، في واقعنا الوظيفي كم من أصحاب المناصب اليوم الذين صنع لهم من حولهم والمستفيدون منهم هالة من الغلو في النفاق والقدوة والقيمة والخنوع والذل أين هم الآن، في المجالس والمناسبات نرى مناظر ومواقف تشمئز منها النفوس، ويتوقف من هولها العقل، بالأمس يستقبل بالمدح والنفاق، بالأمس كان ينهب يظلم يستغل يترفع، اليوم يمر مرور الكرام لا يستشعر به. بات منصبه ومقره الأسواق والمقاهي ليصبح من عامة الناس،، …. وجهان لعملة واحدة هو المنصب الذي يعتليه الانسان، هناك من يدرك قيمة المنصب من أجل ادارة المنفعة العامة، رقيّ وخلق واستقامة وتواضع، تلحقه سيرته الطيبة بعد وفاته، ووجه آخر يعتلى المنصب يفتقد الأمانة والصدق والسمعة السيئة يترفع. يغتر، ينفر الناس من حوله يتحدثون عن استغلاله وتكوين ثروته المالية، وتلاحقه سمعته السيئة سنوات من التذكير بعد وفاته.. نسمع كثيرا بالمثل القائل " أن كرسي المنصب أشبه بكرسي الحلاق؛ وهو دليل على أن المناصب لا تدوم لأن كرسي الحلاق دوار ويتداول الجلوس عليه. كذلك هي المناصب بدرجاتها. وصدق الله في كتابة " فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ؛" …. لذلك ما دامت المناصب القيادية لتسيير المصلحة العامة وتسيير الخطط والأهداف المستقبلية من أجل التنمية يجب ألا تكون انتقائية لاعتبارات أخرى بعيدة عن الكفاءة، وبعيدة عن اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب خلقًا وخبرة وسلوكًا وتخصصا. ويعمل من أجل العمل والمصلحة الوطنية وليس لتسيير مصلحته ومن حوله كما نرى واقعا اليوم في اختيار بعض المناصب.