11 سبتمبر 2025
تسجيللا شيء يأتي مصادفة بل لقدر وبقدر، وعليه فإن معظم الأفعال التي تكون منا (هذا إن لم يكن كلها) لا تقوم بحد ذاتها، أي فقط لأنها ترغب بأن تكون، ولكن لأنها ردة فعل طبيعية لفعل سبق وأن وقع أثره علينا في الخفاء أو في العلن، بعلمنا أو دون علمنا، وكي تصدق هذا الكلام فما عليك سوى التفكير بكل فعل قمت به، وستجد أن مُثيراً قد أجبرك عليه، فكانت ردة فعلك (الفعل) الذي كان منك وجاء رداً على ما قد كان، كما هو الحال مع (التفكير بالمخاوف) الذي لا يُعد فعلاً منك تفر إليه؛ حباً فيه، ولكنه ما يكون لتضامن سلسلة من الظروف التي تُحيط بك؛ كي تُجبرك عليها وعلى التفكير بها، فيكون الانغماس فيها والبقاء في قاع بئرها خيارك الذي ومن الممكن بأن يتحول لنقمة ستقضي عليك، أو نعمة ستصبح كذلك متى أدركت كيفية إدارة الوضع وفي الوقت المناسب؛ لتكون متى بلغت تلك المرحلة كمن أدرك بأن المخاوف نعمة بقدر ما هي نقمة.إن المخاوف التي تحيط بنا، وتتسلل إلى حياتنا؛ لتفرض نفسها علينا، وتُجبرنا على التفكير بها والاشتغال عليها نقمة تُربك كل من تقترب منه، ولكنها وفي ذات الوقت يمكن بأن تتحول لنعمة ستتغير معها حياتنا للأفضل، وذلك إن فكرنا من زاوية أنها ترعبنا، وتجعلنا نبذل مجهوداً هائلاً في التفكير بها، وفي تلك الأحداث التي ومن الممكن بأن تتسبب بها لنا، وهو ما يكون منا وعلى الدوام، ويؤكد لنا بأننا نملك طاقة لابد وأن تُصرف، ولكن الخير في أن تُصرف وتنصرف في الاتجاه الصحيح، (لا) أن تشغلنا وتُصرفنا عن شؤون حياتنا؛ لنسلك معها مسارات أخرى لا طائل منها أو فائدة، كما يحدث مع البعض، ممن يسير خلف مخاوفه لمناطق مظلمة ما أن يصل إليها حتى ينفصل وبشكلٍ كلي عن عالمه، الذي يحتاج إليه، وينتظره؛ كي يعمره بوجوده لا أن يدمره بغيابه.كلنا نملك من المخاوف ما نملك، ولكن منا من يستطيع تملك تلك المخاوف والسيطرة عليها بتحويلها من مجرد نقمة إلى نعمة، ومنا من لا يستطيع كذاك الذي تدور مخاوفه حول الفشل، فلا يستطيع الإقدام على أي شيء خشية أن يفشل فيه، وذاك الذي تدور مخاوفه حول خسارة كل ما يملك، فتجده وقد فرض على نفسه عزلة اختيارية خشية الوقوع في حفرة الخسارة، التي لا وجود لها سوى في رأسه، وكان من الممكن أن يتخلص منها بامتصاص الطاقة التي تُحرضه على الخوف؛ لصرفها في مكان آخر أكثر منفعة وفائدة.أحبتي: كنت قد تطرقت إلى موضوع تحويل النقمة إلى نعمة، وضربت مثالاً لذلك وهي الزمرة التي تخاف الفشل؛ لوجودها وانتشارها بيننا مع مخاوف تتسلط عليها في كل مكان ويمكنها (متى وجدت التوجيه الصحيح أن تصبح أكثر تألقاً وتميزاً بفضل تلك المخاوف) وهو ما يمكن حدوثه ومن خلال صفحتنا هذه، ولعله ما قد شجعني على تسليط الضوء عليها؛ ليكون مني التالي: كلما زاد الخوف من الفشل، كلما زادت قوة تأثيرها عليك، وكلما لاحت تلك القوة في السماء كلما دل ذلك على أنك تملك شيئاً لابد وأن تُحرره؛ لذا فكر بتحويل تلك القوة وما فيها من طاقة إلى مُحفز يُحفزك على فعل كل ما تريده حتى يتحول ذلك الخوف لمصدر فخر لك، تفتخر به وبما تملكه وما تود امتلاكه وإن كان ذلك على المدى البعيد، ولا تحزن إن أصابتك مصيبة هزتك؛ لأنها ستفعل؛ كي تستعيد وعيك، وكي تُخرج أفضل ما لديك، ولابد لك وأن تتباهى به لا أن تُخفيه.حين فكرت بطرح هذا الموضوع فعلت لأني تذكرت صورة الخوف وهو يُحيط بمن أحب، ويسلبهم راحة بالهم، وتخيلت لو أن العكس قد كان في تلك الصورة، فتوصلت إلى أن من يسمح للخوف بأن يتملكه لا يعيش إلا بحسب ما ستفرض عليه مخاوفه، في حين أن من يحكمها ويتحكم بها سيفعل كل ما يحلو له طالما أنه ضمن حدود المقبول والمشروع، وحتى ندرك المزيد عن هذا الموضوع، فسنتطرق لكل ما وردنا منكم، وعليه إليه ما هو لكم أصلاً.من همسات الزاويةلا تغرق وسط مخاوف لا حق لها بأن تكون؛ لأن لا شيء يملك الحق بأن يكون سواه الخوف من الله والانغماس في طاعته.