13 سبتمبر 2025
تسجيلما أحوجنا إلى المستبد العادل؟ هذا ما يتم الترويج والتسويق له اليوم في العالم العربي بعد ارتدادات "الربيع" من تونس ومصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن ومن المحيط وصولا إلى الخليج؟ّ المستبد العادل هو المخلص الذي سيحكم بسلطان ويعمر البنيان ويقضي على جماعة الإخوان وسيعيد لكل ذي حق حقه ويمهد الطريق إلى المسار الديمقراطي الذي يكون للشعب فيه كلمته وإرادته؟ المقولة كانت تتبناها المؤسسات والجماعات الدينية في السابق والتي تغيرت قناعة العديد من المحسوبين عليها بعد دخول صناديق الاقتراع على الخط؟ لكي تتم إعادة استنساخها مرة أخرى من قبل التيارات المدنية واليسارية اليوم؟! تكمن أهم عوائق الديمقراطية في العالم العربي بعد "الربيع" في عودة تيار دعاة الخصوصية والاستثناء متمثلا في المؤسسات السياسية والعسكرية والدينية والنخبوية المتحالفة معها، الذين يشوهون قيم الديمقراطية ويسفهونها ويخوفون الناس من نتائجها، لكي تظل الدولة العميقة هي الحاكم والآمر والناهي، وتكون كل العملية المرتبطة بها مجرد ديكور صناديق اقتراع، وأدوات مكملة تعيدنا إلى المرحلة السابقة التي اعتقدنا أننا تجاوزنا عندما خرج الناس في الشوارع يطالبون بالعدالة والحرية في الشوارع العربية.إننا نشهد مرحلة تحولات خطيرة في صدمة المناضلين وتحولهم إلى مستبدين، وتحول من يصل للسلطة أو يمثلها أو يرتبط بها ويتعامل معها إلى شخص مشجع لقمع الآخر، سواء لبس عباءة الدين أم الطاقية الغربية، وتحول المؤسسات إلى أجهزة مسعورة تخدم النظام وأفراده، والعديد من الذين يروجون للقيم الليبرالية كرفض القمع والقتل وحق التظاهر، نجدهم يؤيدون قتل وقمع وسحل وعزل الإسلاميين على سبيل المثال لأنهم مختلفون ومغايرون ويسعون إلى السلطة كما يفعل العديد من الإسلاميين، الأمر ذاته في الطرف المقابل والكل يطبل وراء نغمة "تسلم الايادي"؟! كيف يمكن ان يستقيم العدل مع الاستبداد، ويستقيم الاستبداد مع العدل، أم أن الأمر، أن يكون الاستبداد، موزع بالعدل على الجميع؟! خرج عمر بن الخطاب ليخطب في الناس قائلا: اسمعوا وعوا. فرد عليه سلمان الفارسي: والله لا نسمع ولا نعي. فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟ قال تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا. فقال عمر لابنه عبد الله: يا عبد الله قم أجب سلمان. فقال عبد الله: إنّ أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه. فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع وأمر نُطع. ما بعد مرحلة الربيع نستطيع أن نؤكد جازمين أن العالم العربي تحول إلى أمة لا تتوقف الأمم من الضحك على جهلها؟ّ!