16 سبتمبر 2025
تسجيلتصاعد مرارة موجة الأحداث المتلاطمة، التي تَصَدرَت كل وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة يُفقد العاقل عقله، إذ أنها والحديث عن تلك (الأحداث) غير معقولة وغير مقبولة أيضاً، وإن أخذت من واقعنا حيزاً عظيماً لا ولن يُستهان به بتاتاً؛ لأنها خرقت حدود الإنسانية وتجاوزتها بأميال من خلال تلك الوقائع الوحشية التي وقعت، وأجبرت القلب على البحث عن ذرات الصبر في كل زاوية مُتاحة، فمن عساه يقبل برؤية ما قد عُرض علينا دون أن يتمزق قهراً على ما قد تعرض له أطفال (الحولة) الذين تحول وجودهم وفي لحظات إلى حفنة من الذكريات، التي لا يُعقل أن تُهدر وكأنها لم تكن يوماً رغم أنها قد كانت الجزء الأكثر حيوية في حياة أسرهم، ممن نسأل الله لهم الصبر والثبات. "أطفال اليوم هم عماد المستقبل"، هي هذه الكلمات التي اعتمدها البعض فَرُدِدَت؛ لتصبح وتمسي الشعار الذي أجبر الزمن على التباهي والتفاخر به، وتردد البعض الآخر قبل سماعها والسماح لنفسه بترديدها، فَقَبِل بأن يصمت؛ ليُعلن قبوله للشق الأول ألا وهو أن اليوم يحمل على رأسه الأطفال، ورفضه للشق الثاني الذي ألقى بهم من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، وذلك حين أنكر حقيقة أنهم عماد المستقبل، وأي مستقبل سيكون متى قُتلت تلك الطفولة دون أي ذنب سواها تلك البراءة التي تطالب بها؟ أم أنها أي تلك البراءة هي الذنب الحقيقي الذي يستحق العقاب؟ البراءة التي تجلت بجملة من الأحلام تسعى إلى كسب حقها من الحياة، وإعرابها (نحن نحمل أحلاماً زهرية ونحلم بها)، نعم هي مجرد أحلام زهرية وبسيطة لا يمكن بأن تتجاوز حدود المستحيل، ولكن يبدو أنها قد فعلت، الأمر الذي جعلها تخمد قبل أن تشتعل؛ لتُشعل بذلك فتيل الحزن الذي بدأ ولن ينتهي بسهولة. ما الذي كتبته الدموع؟ إن ما حدث قد جعل الأقلام تبكي خجلاً، فكانت دموعها كلمات كُتبت؛ لتعبر عن أسفها وحزنها، لعظيم ما قد كان؛ ولتمسح بها على رأس كل من قد خسر عزيزاً لم يرتكب ذنباً سوى أنه قد طالب بالمحافظة على تلك المدعوة براءة، التي وللأسف الشديد قد سُحقت، فتعذر عليه ذلك، ولم يكن له ما يريد، وترك المجال للأحداث؛ لتتحدث عن نفسها وبنفسها، أمام أقلام قررت بأن تصمت؛ لتنصت وتتمكن في ما بعد من سردها ضمن حكاية تحمل البراءة عنواناً سيتذكره الزمن مهما كان الثمن. سيعيش ما تبقى من البراءة ما حدث قد جعلنا والحديث بصيغة الجمع نحزن، ونبكي، ونتألم أمام تقلص الإنسانية، ونقول بصوت مبحوح قضى عليه كل ذاك النحيب والبكاء: سيكتب الله لنا يُسراً من بعد كل هذا العُسر، وسيعيش ما تبقى من البراءة لها وهو يعرف تمام المعرفة أن الحياة لن تكون كذلك ما لم تكن البراءة فيها، كالأساس الذي تحتاج إليه لتظل كما هي بل وأجمل. وأخيراً نتحد حين تغمرنا المصائب، وتصبح الإنسانية لغتنا المُوحدة التي تجمعنا من حولها دوماً؛ لندرك الأزمات ونتداركها قبل أن تجرفنا أكثر نحو ما لا نريده أبداً، فكل أزمة نُصاب بها وتصيبنا، تجعلنا ندرك قيمة ما نملكه؛ لنحافظ عليه بأرواحنا، خاصة أن كان ذاك الأخير هو كل ما يمت للبراءة بصلة، فليرحمنا الله، وليحفظ لنا كل ما نحب، دون أن يتعرض لشر يمزقه ويعبث به؛ ليتعبث ما سيحدثه كل ذلك من ألم في قلوبنا (اللهم آمين). ومن جديد راسلوني بالجديد