13 سبتمبر 2025

تسجيل

أم هارون !!!؟

28 أبريل 2020

بعد الدفاع المستميت للصهاينة عن حياة الفهد لدورها في مسلسل أم هارون، صرنا ننتظر قيامهم بتكريمها بإطلاق اسمها على أحد شوارع القدس المحتلة، وقد يكون شارعاً مجاوراً للأقصى المبارك الذي أصبح المتصهينون العرب يمقتون سورة الإسراء في كتاب الله لأنها جعلت منه قرآناً يُتلى. (1) الحَفْرُ تحت قاع المستنقع: نخطئ كثيراً إذا ناقشنا المسلسل كعملٍ دراميٍّ، لأنه ليس أكثر من أداةٍ جديدةٍ يستخدمها المتصهينون مالكو قناة mbc. وعندما نصفهم بالمتصهينين، فإننا نذكر الحقيقة ولا نتجنى عليهم. فقد كان في مقدورهم إنتاج مسلسل حول إسهامات الأشقاء الفلسطينين في النهضة التي شهدتها دول الخليج العربي منذ خمسينيات القرن الماضي، حتى صاروا جزءاً من النسيج البشري فيها. وكان المسلسل، لو أُنتجَ، سيصل إلى كل بيتٍ عربيٍّ، وسيحقق أرباحاً عظيمةً من الإعلانات التي ستنهال عليه، لأنه يتحدث عن واقعٍ اجتماعيٍّ حقيقيٍّ. لكنهم فَضَّلوا، كعادتهم، السير في دروب ترسيخ الكيان الصهيوني في وجدان الناشئة والشباب بطرح قضيةٍ وهميةٍ لم تعرفها مجتمعاتنا الخليجية. فمتى كانت لدينا هذه العلاقات الاجتماعية الشوهاء مع الصهاينة؟. والأشد غرابةً هو محاولات المتثاقفين بالحديث عن دعوة المسلسل للتسامح مع غير المسلمين، رغم أننا لا نُعادي اليهود كيهود، وإنما عداؤنا موجَّهٌ للصهاينة منهم الذين يحتلون فلسطين، ويرتكبون المجازر، ويرفضون القبول بالحد الأدنى الذي يرضي الفلسطينيين والعرب والمسلمين، أي إقامة دولة على حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967م. إن هذا المسلسل هو جرس إنذار بأنَّ سوى الرومِ خلفَ ظهورِنا رومٌ، كما قال شاعر العرب والعروبة الأكبر: أبو الطيب المتنبي، وهو إشارةٌ إلى أن المتصهينين وصلوا إلى قاع مستنقع العداء للإسلام والعروبة، ولم يكتفوا بذلك، بل بدأوا في الحَفْرٍ تحت الوحل الذي يغطي القاع. (2) عواصفُ تسبقها زوابعُ: من المهم جداً أن نقرأ ما صاحبَ المسلسل منذ ما قبل عرضه. فهو كعاصفةٍ من العفونات التاريخية الشوهاء التي هبَّتْ على مجتمعاتنا العربية، ولكنها سُبِقَتْ بزوابعَ تمهيديةٍ بدأت بمعركةٍ فارغةٍ خاضتها حياة الفهد ضد الوافدين، ورغم تبريرها لما قالته فإن ما تلاها يُثبتُ أنها كانت معركةً كاشفةً عما بعدها، وأنها جاءت في إطار ضمان الشهرة لمسلسلها الهابط. وحتى حين حاولت الدفاع عن هَدْمِها لتاريخها الفني، فإنها أخطأت حين تحدثت عن الكويت التي يحبها العرب الذين لايناقشون المسلسل من هذه الزاوية لأنهم يعرفون أن الكويت وشعبها كانا ولايزالان وسيظلانِ قلباً يحتضن القضية الفلسطينية وقضايا العرب والمسلمين. أما الزوبعةُ الثانية، فقد أثارها الذباب الإلكتروني السعودي ضد القضية الفلسطينية تحت وَسْمِ: فلسطين ليست قضيتي، والذي شارك فيه كبيرُ العلمانيين السعوديين: تركي الحمد بشَعْبَويةٍ وغوغائيةٍ وحماسةٍ، وكأنهم يُهيِّئون الأجواء النفسية للقبول بالمسلسل، والشعور بالعطف على الصهاينة، وللعداء والكراهية ضد الشعب الفلسطيني. وهذا الأمرُ بات مفضوحاً لدى الشعوب العربية التي رفضت المسلسل منذ اللحظة الأولى، بل وقادت ضده حملاتٍ على وسائل التواصل الاجتماعي. (3) قرآنٌ يُتلى: لن يستطيع أحدٌ التأثير في الشعوب العربية والإسلامية بتغيير مشاعرها التي تحتضن فلسطين وشعبها، وتعتبر قضيتها جزءاً من العقيدة الإسلامية. نعم، يمكن للمتصهينين أن يتكاثروا كالذباب، وترتفع عقائرهم بالهتاف حباً للصهاينة، وكراهيةً للإسلام والعروبة، ولكنهم سيظلون مجرد حالةٍ ذُبابيةٍ ترفضها الشعوب. فعندما نتعبَّدُ بتلاوة القرآن الكريم في صلواتنا وكل أوقاتنا، فإن كل حرفٍ منه يُنْقَشُ في عقولنا وقلوبنا وضمائرنا. ولو فهم هؤلاء النفرُ جائحةَ كورونا في بُعدها الإيماني، لعلموا أن أم هارون ستظل حالةً شوهاء، وأنَّ أم سعد التي حدثنا عنها أديبنا العربي الفلسطيني الكبير، الشهيد غسان كنفاني، ستظل رمزاً إسلامياً عربياً فلسطينياً خالداً. سيُعرضُ المسلسل على الشاشات التي تستهدف عقيدتنا ووجودنا، ولكنه سيتبدد ويندثر، وسيرى أحفاد أحفادنا في الصحف صورةً لحياة الفهد، فيقولون هذه أم هارون، ثم يُلقون بالصحيفةِ جانباً، ويندفعون للصلاة مرددين قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }. كاتب و إعلامي قطري [email protected]