03 أكتوبر 2025
تسجيليمكن تفهم قيام مؤسسة ستنداد أند بور المتخصصة في مجال الملاءات المالية بمنح الكويت ملاءة سيادية متميزة تعكس صلابة الحقائق الاقتصادية للدولة. والإشارة هنا إلى قرار المؤسسة قبل أيام بمنح الكويت ملاءة مالية قدرها (ألف ألف) فيما يخص المخاطرة للمدى الطويل فضلا عن (ألف ناقص وزائد 1) بالنسبة للمدى القصير. إضافة إلى ذلك، توجد نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد الكويتي. مؤكداً من المناسب تقدير بعض الأسباب الكامنة وراء قرار مؤسسة ستنداد أند بور لاتخاذ مثل هذا التوجه من قبيل استمرار تسجيل الموازنة العامة فائضا ماليا مريحا لعدة سنوات متتالية. بل يتوقع التقرير تسجيل فائض للموازنة العامة يزيد على 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنوات الأربع القادمة. لا شك، من شأن هكذا واقع توفير الطمأنينة للأطراف ذات العلاقة بالنسبة للتعامل مع الكويت. أيضا هناك واقع إيجابي آخر يتمثل في رفع نسبة الاقتطاع السنوي لصالح حساب الأجيال القادمة من 10 في المائة إلى 25 في المائة من العوائد النفطية. أيضا، من شأن هذا التطور تعزيز مستوى الاحتياطي العام للبلاد. المشهور دوليا، قيام السلطات في النرويج بتوفير السواد الأعظم من العوائد النفطية للبلاد لصالح الأجيال القادمة واستخدام ما يلزم فقط لتسيير أمور البلاد. ربما تعتبر تجربة الكويت الأقرب بين دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط مقارنة بتجربة النرويج. وخير دليل على نجاح سياسية توفير أموال للأجيال القادمة عبارة عن وصول قيمة الصندوق السيادي للكويت قرابة 300 مليار دولار مع بداية العام 2013 أي في المرتبة السابعة على مستوى العالم حسب تقرير المعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية. لكن يلاحظ بأن مؤسسة ستنداد أند بور تعتقد بأن قيمة الموجودات الخارجية التابعة للكويت تمثل 2.5 مرة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وهذا يعني بأن الرقم يقترب من 425 مليار دولار مع الأخذ بعين الاعتبار بأن حجم الناتج المحلي الإجمالي للكويت عبارة عن 170 مليار دولار أي في المرتبة الرابعة خليجيا بعد السعودية والإمارات وقطر. في المقابل، يواجه الاقتصاد الكويتي العديد من التحديات والتي تحتاج لمعالجة عبر تعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولابد من الإشارة في هذا الصدد إلى قرار حديث اتخذه صندوق النقد الدولي يقضي بتقليص مستوى النمو الاقتصادي الفعلي أي المعدل لعامل التضخم المتوقع للكويت من 1.8 في المائة إلى 1.1 في المائة للعام 2013. لا شك، تعتبر نسبة النمو الأصلية متدنية فضلا عن الرقم الجديد. يعود موضوع محدودية النمو بشكل جزئي إلى بطء تنفيذ الخطط والمشاريع التنموية. وكان البرلمان الكويتي قد وافق في العام 2010 على خطة تنموية تتضمن استثمار 110 مليارات دولار على مختلف المشاريع خصوصا تلك التي تتعلق تطوير البنية التحتية لكن توجد شكاوى من القطاع الخاص والمصارف من ضعف وتيرة تنفيذ المشاريع. ثم هناك موضوع الترتيب غير المقنع للكويت في العديد من المؤشرات الدولية. بالطبع ليس من المناسب توجيه الاتهامات للجهات المعدة للتقارير بوجود مخطط لها ضد الكويت نظرا لعدم وجود مصلحة في ذلك فضلا عن قدرة بعض دول مجلس التعاون الخليجي بتسجيل نتائج متميزة في العديد من المؤشرات. على سبيل المثال، حلت الكويت في المرتبة 101 على مؤشر التنافسية للسفر والسياحة للعام 2013 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. يعتبر ترتيب الكويت الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي بل هي النتيجة الوحيدة خارج أفضل 100 بلد من بين 140 دولة مشمولة في التقرير. واستمرارا لنفس الأداء غير المبهر، فقد نالت الكويت المرتبة رقم 37 دوليا في تقرير التنافسية للعام 2012 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. وهذا يعني حلول الكويت محل البحرين في قاع الترتيب الخليجي. يعتمد المؤشر على 12 متغيرا من قبيل البنية التحتية والاقتصاد الكلي والصحة والتعليم والتدريب وكفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق والتطور والابتكار. إضافة إلى ذلك، حلت الكويت في المرتبة رقم 62 دوليا أي الأسوأ على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية في إطار التقرير العالمي لتقنية المعلومات للعام 2013. وهذا يعني بأن الكويت الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي خارج مجال أفضل 50 دولة في العالم على المؤشر الحيوي. يعتمد التقرير السنوي ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي وجامعة (إنسياد) لعلوم إدارة الأعمال والأبحاث على عشرات المتغيرات واستطلاع آراء أكثر من 15 ألف من المديرين التنفيذيين بخصوص أمور من قبيل مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مثل الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر الشخصية فضلا عن النظر لبيئة الأعمال مثل التشريعات والبنية التحتية. وعليه يتميز التقرير بالشمولية. الغريب في هذا الصدد وجود دور ريادي للكويت بين دول مجلس التعاون الخليجي فيما يخص تحري قطاع الاتصالات وتحديدا في مجال خدمات الجوال. بل انتقلت شركات الاتصالات من الكويت إلى اقتصادات دول مجلس التعاون مستفيدة من خبرتها في المنافسة. الأمل كبير بأن تنجح الكويت في تعزيز ترتيب اقتصادها في التقارير الدولية مستفيدة من إمكاناتها الضخمة مثل وجود قطاع خاص يتمتع بصيت عالمي. بل يعد المستثمر الكويتي مثالا فيما يخص وجود حس استثماري دولي لديه عملا بمبدأ العالم قرية. المعروف تواجد استثمار كويتي في مختلف المصانع والمصارف خصوصا البنوك الاستثمارية بما في ذلك الصيرفة الإسلامية. الرغبة موجودة للمستثمر الكويتي للاستثمار أينما كان ممكنا لتحقيق أرباح على الثروات المحدودة خصوصا في بلده لكن بشرط وجود بيئة مناسبة من تشريعات وقوانين وتعاون تساعد على تحقيق أفضل العوائد للاستثمارات.