11 سبتمبر 2025

تسجيل

كلّ الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب

28 أبريل 2011

كلّ الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج القريب هذا بيت من قصيدة رائعة المعنى فائقة الأسلوب لأبي حاتم السّجستانيّ يقول فيها: إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق لما به الصّدر الرّحيب وأوطأت المكاره واطمأنّت *** وأرست في أماكنها الخطوب ولم تر لانكشاف الضّرّ وجها *** ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوط منك غوث *** يمنّ به اللّطيف المستجيب وكلّ الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج القريب أردت بهذه الأبيات أن أبدأ حديثي، وذلك أن المخاض الذي تعيشه أقطارنا العربية، رأى بعض اليائسين أو البائسين فيه مخططا أثيما على هذه الأمة، بل بلغ اليأس بالبعض أن تمنى بقاء الظالم خوفا مما يتبعه من ألم، وهذه مفارقة عجيبة: بالأمس كان أكثر هؤلاء يتمنون حرية لا تمنع مظلوما من الحديث، وعدلا يمنع كل متجبر من الظلم، ووطنا يسعد المرء أن يقول فيه ما شاء وقتما شاء دون خوف أو وجل من رقيب. فإذا حانت الساعة تأوه المسكين من مخاض الألم ناسيا أو متغافلا روعة النصر والحرية والعدالة التي ينشدها. إن من يريد أن يكون أبا عليه أن يتحمل تكاليف العرس، ومن تريد أن تكون أما عليها أن تتحمل آلام الوضع، فحكمة الله ألا يكون العطاء إلا بجهد، وإلا فكيف بالله يحافظ بعد ذلك عليه. إن اليأس قرين الكفر كما قال الله تعالى {إنه لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} والتفاؤل وبث هذه الروح بين الجموع المؤمنة مع حثهم على العمل هو منهج أهل الصلاح، فلماذا ينشط من اسودت أمامه سبل الحياة، وغلب اليأس على مفرداتها امام عينه، بل لماذا يعمل من يظن أن العمل والقعود سواء، ولماذا يرتدع الظالم إذا أيقن بوار مجتمع لا يردعه يأس من يحاسبه، وكسل من يراقبه! إن البشارة والتفاؤل لغة أهل الجد، ومنهج سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أنس بن مالك — رضي اللّه عنه — قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أنا أوّل النّاس خروجا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشّرهم إذا أيسوا لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربّي ولا فخر») وأما الرزق فشأن آخر فعليك العمل والله يتولى الأثر، فهو الرزاق ذو القوة المتين، عن حبّة وسواء، ابني خالد — رضي اللّه عنهم — قالا: دخلنا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يعالج _أي يصلح _شيئا. فأعنّاه عليه. فقال: «لا تيأسا من الرّزق ما تهزّزت رؤوسكما — أي ما بقيت الحياة فيكما — فإنّ الإنسان تلده أمّه أحمر، ليس عليه قشر، ثمّ يرزقه اللّه — عزّ وجلّ — " نسأل الله أن يوفق أمتنا العربية والإسلامية إلى ما فيه خيرها وعزها.