24 سبتمبر 2025

تسجيل

الغضب لله

28 مارس 2023

يذكر أحمد الشقيري في كتابه (أربعون) قصة رجل، سمع عن قوم يعبدون شجرة، فغضب وقرر أن يذهب ليقطع الشجرة. وفي طريقه، أتاه الشيطان في هيئة رجل، وقال له: ما دخلك بهم! اتركهم واذهب إلى بيتك، وستجد عشرة دراهم تحت وسادتك في كل صباح! رجع الرجل إلى بيته، ووجد المال في الأيام الأولى، ثم انقطع المال. فغضب الرجل وذهب ليقطع الشجرة، فلقى الشيطان نفسه في طريقه، يسأله: إلى أين ذاهب؟ قال الرجل: أنا ذاهب لقطع الشجرة. فقال الشيطان: قبل أن تقطعها سأقطع يدك! فقال الرجل: مالك لم تقل هذا الكلام بالأمس؟ فرد الشيطان: بالأمس كان غضبك لله، فلم أستطع منعك إلا بالحيلة، أما اليوم فغضبك للدراهم، فلي عليك سلطان! يستشهد الشقيري بهذه القصة، ليُوضح أن الغضب الذي يجتاح البعض اتجاه الدين في بعض المرات، قد لا يكون منبعه الدين في الواقع، بل النفس، كما يحصل عندما يغضب البعض غضباً عارماً عند الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يغضبون أو يستاؤون عندما تتم إهانة أنبياء الله موسى وعيسى عليهما السلام رغم قوله تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله) (سورة البقرة: ٢٨٥). وكما يحصل عندما يستنفر البعض لمساعدة دولة مسلمة قريبة بالمسافة- ولو بكلمة - عندما يصيبها مصاب ما، أما الدولة المسلمة البعيدة، فبعيدة عن القلب والعين والمساعدة، رغم كل المصائب والمشاكل التي تواجهها. الدولة الأولى، قريبة منا وقد تكون من الدول التي نزورها ونسمع عنها دائماً، أما الدولة الثانية فبعيدة ومنسية! على الإنسان أن يتعمق في مشاعره، وأن يراجع نفسه. عندما يغضب، هل يغضب لنفسه.. لغروره.. أم لله وفي سبيل الإحسان؟ هل غضبه حقيقي أم مصطنع؟ هل هو غاضب لأجله أم لله؟ عندما يستاء، ما سبب استيائه الحقيقي؟ عندما يشتم أحد ما الإسلام أو العرب هل سيغضب لأن أحدا ما طعنه في هويته، أم سيغضب لأنه يخاف الله ولأنه إنسان؟ هل سيغضب الغضب ذاته أو على الأقل سيستاء لو قام أحد ما بسب المسيحية أو الأفارقة أمامه أم أنه سيصمت وسيدعي عدم سماع شيء؟ ابحثوا في أنفسكم عن أسباب غضبكم الحقيقية. ومن ثم غيروها، وتغيروا إلى الأفضل. اغضبوا لله.. استاءوا لأمور أكبر منكم، مثل الأخلاق والقيم والمبادئ المتينة والعظيمة. لا تغضبوا من أجل أنفسكم وغروركم الصغير. هذا العالم أكبر منكم، وأكبر من النفاق والغرور، فالغرور والنفاق يسقطان في النهاية، ويبقى الله عز وجل.. والدنيا.. والقيم الجللة!