13 سبتمبر 2025
تسجيلعند حصول الطلاق بين الزوجين اللذين أنجبا أولاداً على فراش الزوجية، يثار مشكل بين الأبوين حول من يكون أحق بالحضانة، خصوصاً إذا لم يكن قد تم الفراق بالاتفاق بينهما، ولكن وعياً منه بخطورة النزاعات التي قد تثار بشأن إسناد الحضانة وآثارها النفسية والمادية على الأولاد فقد نظم قانون الأسرة أحكام الحضانة وشروط إسنادها للحاضن وكذلك أسباب إسقاطها منعا لكل فوضى ممكنة. ولأن الأم بحكم طبيعة تكوينها تعتبر أكثر حناناً ورأفة على الأولاد خصوصاً في بداية أعمارهم، أسند قانون الأسرة حق الحضانة أصلياً لها بشرط أن تتوافر فيها المعايير المتطلبة من أجل تربية الأولاد في جو يسوده الأمان والتنشئة السليمة ما لم ير القاضي خلاف هذا المبدأ بناء على الأوراق والمعطيات المقدمة له في حال نشوب نزاع قضائي حول إسناد الحضانة، لكن من جانب آخر حدد المشرع حالات معينة يسقط فيها حق المرأة في حضانة أولادها، لتنتقل إلى الأب ثم أم الأب ثم الأقرب رحماً ثم الإيداع لدى أسرة أو جهة مأمونة عند الاقتضاء، وهكذا نجد المادة 168 من قانون الأسرة تشترط عدم زواج الأم برجل أجنبي حتى تحتفظ بحق الحضانة، كما نصت المادة 183 على حالات إسقاط الحضانة عنها عند حدوث عارض في أهليتها أو سوء سلوكها أو عدم قدرتها الصحية والمادية بصورة تهدد إحصان الأولاد وتربيتهم على النهج السليم. وفي سياق آخر ينتهي حق الأم في حضانة الأولاد أصلياً بإتمام الذكر سن الثالثة عشرة والأنثى سن الخامسة عشرة، واستثنائياً سمح قانون الأسرة للمرأة بالاحتفاظ بالمحضونين لديها في حال اختيار هؤلاء ذلك، أو إذا قضت المحكمة حسب الثابت لديها من القرائن والمستندات باستمرار الحضانة للمرأة. ومن جانب آخر، يثار بعد انفصال الزوجين مشكل آخر غير الحضانة، وهو زيارة المحضون، فأحيانا ما يعتقد البعض أن إسناد الحضانة لأحد الوالدين يعني بالتبعية انقطاع العلاقة بين المحضون وبين الآخر، وهو مفهوم مخالف لجميع الأحكام والتعاليم الدينية والدنيوية، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه "وآت ذا القربى حقه" (الإسراء:26)، والمادة 186 أكدت ضرورة الزيارة والاستزارة بين المحضون وبين الأبوين، وأوردت بالتفصيل أحكام تنظيم هذه الزيارة. فالولد الصغير، من حقه تبادل الزيارات مع والديه، ليس فقط بالرؤية لساعات محددة، بل ينبغي للولد أن يبيت أيضا لدى والده الآخر ويقضي معه أوقاتاً كافية من أجل تحقيق التوازن النفسي لديه، وتنشئته دون حرمان من دور والديه الاثنين في حياته، لأن الأم وحدها لن تستطيع تعويض فراغ الأب، وهذا الأخير لن يستطيع تعبئة مكان الأم في حياة أولادها. لذلك وجب تنبيه الأبوين إلى أن الأولاد عقب انتهاء العلاقة الزوجية ليسوا فريسة في حلبة صراع، وليسوا أدوات للانتقام بين الطرفين، فالأولاد أمانة لدى الحاضن يلزمه تربيتهم والإشراف على نشأتهم في جو من الود والترابط الأسري، ومن حقهم عليه تبادل الزيارات وقضاء الوقت الكافي مع الوالد الآخر، ومن حقهم أيضا الشعور بسيادة الاحترام والمودة بين والديهم رغم حصول الانفصال.