18 سبتمبر 2025

تسجيل

فترة الاختبار في قانون العمل

14 نوفمبر 2022

​يعتبر عقد العمل من عقود المعاوضة الملزمة لعاقديه، بحيث يبرم بين طرفين هما العامل وصاحب العمل، يكون محله التزام شخص بتقديم خدماته تحت إشراف وتبعية شخص آخر، مقابل أداء هذا الأخير أجره حسب الاتفاق، ويتميز عقد العمل بأنه من العقود التي يلعب الزمن دورا هاما فيه، أي أن الالتزامات المترتبة على عاتق طرفيه لا تتحقق مرة واحدة بل يستمر نفاذها خلال الفترة الزمنية المحددة بين المتعاقدين، لكن اتفاق صاحب العمل والعامل على تحديد مدة زمنية معينة لعقد العمل لا يعني بالضرورة إلزامهم بالتقيد بمضمون ذلك العقد إن وجد الطرفان بعد الشروع في تنفيذه أنه غير مناسب لهما، فقد يحصل أن يتعاقد طرفان لإبرام عقد عمل بناء على شروط أولية مطلوبة، لكن ذلك ليس كافيا لمعرفة صلاحية كليهما لهذا العقد، فقد يوقع العامل العقد ثم يكتشف بعد الشروع في تنفيذه أن ظروف العمل ليست كما كان يتوقع منذ البداية، أو يجد صاحب العمل أن الشخص المتعاقد معه رغم استيفائه للشروط المطلوبة ليس مناسبا للمنصب موضوع عقد العمل، لذلك أوجد المشرع آلية لمثل هذه الحالات تسمح للطرفين خلال فترة معينة بإعادة النظر في إمكانية الاستمرار على العقد أم لا، وذلك من خلال السماح بإقرار ما يسمى بفترة الاختبار. ​تعتبر فترة الاختبار خروجا عن القواعد العامة المقررة في القانون المدني بشأن العقود، لأن مجرد توقيع الطرفين على العقد والبدء في تنفيذه يترتب معه جميع الآثار القانونية المقررة، ولا يجوز لأحدهما الرجوع عن ذلك بإرادته المنفردة، وإلا لزمه تعويضه، لكن في قانون العمل الأمر مختلف، لأنه بالنظر لخصوصية هذا العقد ولاختلاف المراكز القانونية والاقتصادية للطرفين لصالح رب العمل الذي يعتبر الحلقة الأقوى، وحفاظا على مصالح كلا الطرفين، فإن المشرع سمح لهما بتحديد مدة معينة يوضع فيها العامل تحت الاختبار لتدريبه على المهام التي ستكون موكولة إليه خلال مدة العمل ومن أجل التأكد من صلاحيته لذلك المنصب، ومن مناسبة ظروف العمل لأسباب تعاقده. ​وتحديد وجود فترة اختبار من عدمها أمر موكول إلى إرادة الطرفين، بحيث يجوز اعتبار العقد نافذا منذ توقيعه بالبنود والالتزامات الواردة فيه، كما يجوز لهما تحديد فترة اختبار أولية تكون مدتها معينة بإرادتهما المشتركة مبدئيا، ثم بموجب قواعد قانون العمل التي حددت مددها. وبمطالعة المادة 39 من قانون العمل نجدها وضعت قيدا زمنيا لفترة الاختبار بألا تتجاوز مدتها ستة أشهر من تاريخ مباشرة العمل، وخلال هذه الفترة يجوز لأي طرف إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة دون أن تترتب على عاتقه أية مسؤولية. ​لكن حماية للمصالح الخاصة بكل طرف ألزم قانون العمل صاحب العمل الذي يرغب في إنهاء خدمات العامل خلال فترة الاختبار أن يخطره بذلك قبل شهر على الأقل من تاريخ الإنهاء حتى يتسنى له إيجاد عمل آخر أو تسوية وضعيته القانونية داخل البلاد إذا كان أجنبيا، أما بالنسبة للعامل الذي يرغب في إنهاء العقد خلال فترة الاختبار فهو بدوره ملزم بإخطار رب العمل بذلك قبل شهر من تاريخ الإنهاء الفعلي. ​وإذا كان العامل الذي يرغب في الإنهاء أجنبيا، وينوي العمل لدى صاحب عمل آخر وجب على هذا الأخير أن يعوض رب العمل الأول عن رسوم ومصاريف استقدام العامل شريطة ألا تتجاوز قيمة التعويض شهرين من الراتب الأساسي للعامل. وفي جميع الأحوال إذا أنهى أي طرف العقد خلال فترة الاختبار دون احترام مواعيد الإخطار المنصوص عليها قانونا ألزم بأن يؤدي للطرف الآخر تعويضا مساويا لقيمة الأجر الأساسي للعامل عن مدة الإخطار، وإذا كان العامل أجنبيا وغادر البلاد دون احترام هذه الإجراءات فلا يجوز منحه ترخيصا بالعمل بدولة قطر لمدة سنة اعتبارا من تاريخ مغادرته للبلاد.