15 سبتمبر 2025
تسجيلتفترض الطبيعة الإنسانية أن كل مولود له أب وأم معلومان يتم نسبته إليهما لأنه ولد نتيجة العلاقة التي جمعت بينهما، وتكون مسألة نسبة المولود للأم أمرا محسوما، طالما أنها حملته وأنجبته وفق كل مراحل الحمل والولادة العاديين، لكن نسبة الولد للأب تحتاج إثباتا وفق الطرق المقررة لإثبات النسب في القانون خصوصا في الحالة التي يتم إنجاب المولود خارج إطار العلاقة الزوجية الصحيحة والحالة التي ينكر فيها الأب نسبه. تخضع قواعد إثبات النسب لمقتضيات المواد من 89 إلى 95 من قانون الأسرة، التي حددت نسبة الولد للأب وفق أسباب معينة على سبيل الحصر، وهي نفس الأسباب التي أجمع على إقرارها فقهاء الشريعة الإسلامية، وهي الفراش والإقرار وشهادة الشهود. يقصد شرعا بمفهوم الفراش، أن يتم إنجاب الولد عن طريق علاقة شرعية بين رجل وامرأة في إطار الزواج، وفي هذه الحالة لا يكون هنالك داع للإثبات والتحقق من نسب الولد طالما أن العلاقة الزوجية قائمة والحمل والولادة تمت خلالها، وطالما أن الزوجين يقيمان معا في نفس المنزل، لأنه إذا كان الزوجان لا يقيمان معا في نفس المكان بحكم ظروف استثنائية مثل الزوج الذي يعمل في بلد أجنبي وتكون الزوجة أنجبت ولم يثبت قيام علاقة بينها وبين زوجها يثبت معها النسب يكون في هذه الحالة المولود غير منسوب بالفراش. كما يشترط في النسب للفراش أن يكون الزواج قد مضى عليه أقل مدة الولادة ستة أشهر وأقصاها سنة حسب الثابت من المادة 87 من قانون الأسرة. وليس بالضرورة لإثبات النسب بالفراش أن يكون الزواج صحيحا، فقد يكون الزواج فاسدا ويلحق الجنين بنسب والده. يثبت النسب أيضا بالإقرار، ويتم ذلك بتأكيد واقعة لحوق النسب دون إنكارها، شريطة ذلك الإقرار، ويكون صحيحا إذا توافرت فيه الشروط الموضوعية اللازمة قانونا، مثل إقرار صاحب الشأن بنسبة الولد إليه، وليس إقرار الغير عنه، وألا يكون للولد المراد إثبات نسبه أب معلوم، وأن يكون هذا الولد موافقا على إلحاقه نسبا إلى الأب، بالإضافة إلى الشرط الموضوعي الأساسي وهو أن يكون المقر عاقلا ولا يعاني أي عارض من عوارض الأهلية، بالإضافة إلى ضرورة قيام البينة على كون فارق السن بين المقر بالنسب والمقر له يسمح بذلك، فلا يتقبل المنطق السليم مثلا إقرار رجل بنسبة رجل آخر له وفرق السن بينهما لا يتجاوز عشر سنوات، لأن سن العاشرة لا يتصور أن ينجب فيه الرجل ابنا ينسب إليه. ويثبت النسب كذلك بشهادة الشهود، فإذا قامت شهادة مؤكدة لقيام علاقة بين رجل وامرأة أثمرت عن الإنجاب، ومؤيدة بالزمان المحدد والقرائن الكافية، جاز الاستناد إليها في إلحاق النسب للرجل، ويشترط حسب فقه الشريعة الإسلامية للاعتداد بشهادة الشهود في إثبات النسب أن تصدر تلك الشهادة عن رجلين اثنين، أو رجل وامرأة، كما يتم الإثبات بشهادة الواحد العدل المسلم ذكرا أو أنثى.