11 سبتمبر 2025

تسجيل

السطحية الوجه الآخر للحكمة

28 فبراير 2023

لعل من أكبر المميزات التي قد يتمتع بها المرء أن يكون حكيماً مُتفكراً، لديه نظرته الثاقبة للأمور، المُترّيث الذي يحسب خطواته، ويتمّعن في اختياراته. إلا أنني أجد أحياناً أنه قد يحدّك أن تكون عميق الفكر، لديك مَلَكة التحليل والإحاطة، والنظر إلى ما هو أبعد من القشور.. أن تُحيط علماً بدقائق الأمور، عظيم النظر في تفاصيلها. لأنها سمةٌ قد تقيّدك في بعض الأحيان من حيث لا تعلم!، ولربما منعت عنك إدراكاً لن تناله سوى (بالتسطيح)، ولن تحصل على شيء منه إلا ببعض (الجهالة). فالحياة فيها الشيء ونقيضه، واستمرارك على خط واحد لا يحيد مع كل المواقف والظروف، يمنع عنك حظاً لن تناله سوى بالنقيض، فلكلٍ مأتاه، ولكل مسلك فائدته واستخدامه. فقد يثير استغرابك ربما أن يمتلك بعض البسطاء من القدرة على تحقيق ما لم تحققه بحكمتك وسحيق فكرك، ذلك ما يُسمى بـ (حظ المبتدئ).. حيث لا تحدّه الكثير من القيود، ولا تحجمّه العديد من الافتراضات؟ فكثرة التفكير أحياناً عائقٌ عن اتخاذ بعض القرارات، وعمق التحليل يُفسد بعض المهمات، والإفراط في الافتراضات يكون في بعض المواضع قيداً لا ضبطاً، وتعقيداً لا نظاماً. وفي ظني أن إدراك ذلك، إنما يُعمّق من حكمتك بأن لكل مبدأ في الحياة موضعاً يُستعمل فيه، وفائدةٌ يمنحها في وقتها ومحلها.. ويزيد من تواضعك.. فتتعلم من كل أحد، وتقدّر لكل أمر قدره ولكل امرئ موضعه.. فليست الحكمة إلا الوجه الآخر من السطحية، ولكل منهما مقامه وزمانه الذي يُستعمل به. * لحظة إدراك تدرّجات الحياة كلها قابلة للاستخدام، وكل الألوان لها حق الولوج إلى لوحة حياتك، وفرصة السطوع في تفاصيلها، الفن هو أن تعلم متى وأين ومتى تضعها لتكمل إشراقتها، وتُظهر جمال تفاصيلها، بالضبط كفن استخدام الضوء والظل الذي يُعلن عن مدى احترافية فنك في إظهار تألق لوحتك، وبهاء دقائقها,