09 سبتمبر 2025

تسجيل

فوائض تقلب الميزان !

20 أغسطس 2024

لعل من قوانين الحياة العادلة التي قد يعيها المرء علماً، ولكنه لابد له من فهمها بالتجربة والممارسة، هي أن الاتزان فيها أساس، وأن الميزان فيها مضبوط أدرك ذلك أو لم يُدركه ! وأن ما نجده في الحياة من الشرور والآثام نجد مقابله من الخير ما تُرجح معه الكفة، وأنه مهما بدا لك في الحياة من سوءات، ومما قد تعده من الغوامض مجهولة العلل، فإنها لا شك تحت عين الله وحكمته، ولها دورها في خلق ذاك الاتزان الذي قد لا يتبدّى لك لأنك لا تملك العلم الكامل لتدابير الله. ولكن من المهم أن ينعش الإنسان نفسه بالأمل فيما هو بين يديه، وتحت نطاق إرادته، فيسعى أن يكون متزناً في فكره وشعوره، وفي سلوكه وردات فعله، وفي اختياراته ومسار حياته، اتزاناً يليق بطبعه، وبقدرته على العمل والسعي، فلا توجد مثالية أو صورة سابغة النموذجية يمكن أن تكون لك مرشداً ودليلاً! ولا يكون ذلك - في ظني - إلا إن اعتدل المرء في ذات نفسه، فهو على نفسه بصيرة، فيقلل من فوائض الانتباه، وفواضل الاهتمام، وزوائد الإغراق في التفكير، والإفراط في التحليل، والغلو في الشعور حباً وبغضاً، والإمعان في الأفعال على وتيرةٍ واحدة وإن طابت، وإدمان دوائر الراحة في الفكر والمسلك والشعور. وما ذلك إلا لأن مآل ذلك على المدى البعيد إلى الإخلال في الميزان، وإقلاق النفس والفكر والشعور بما يشذ عن الحال المتزن، فلا يغدو بعد ذلك إلا أن يكون في مهب ريح الإفراط أو التفريط، وما لذلك من العواقب عليه وعلى من حوله عاجلاً أو آجلاً! * لحظة إدراك: قد وضع العدل سبحانه الميزان لمن شاء أن يستقيم، وليس ذلك في ظواهر الأمور فقط، بل في بواطنها، وليست تقتصر على ذاتها فحسب بل على دورها كجزء من كل، فإن أدرك الإنسان ذلك وعمل به، اعتدل ميزانه وأدرك أن ما يجري عليه من المقادير عدل خالص وإن لم يصل إليها وعيه، وأن الخير دائماً في تدابير الله علمها أم لم يعلمها، وفي ذلك ذاته ما يحفظ على المرء سعادة خاطره، واطمئنان قلبه.