12 سبتمبر 2025
تسجيلعلى حسب ذاكرتي وما أسمعه، أن الناس كانوا في السابق يشترون أي غرض، أو سلعة تبعاً لحاجتهم لتلك السلع، وحين تقام الأعراس والمناسبات، كانت تقام على حسب مقدرة كل منهم، حتى الأحداث الحزينة كانت تجمع الناس ببساطة وبهدف واحد، وهو التخفيف عن أهل المصاب، والوقوف معهم في محنتهم حتى يستطيعوا تجاوز تلك المصيبة التي حلت بهم.. أما في وقتنا الحالي، فقد أصبح الهدف الرئيسي من الشراء وتحديث أثاث المنزل كل حين، وتبديل السيارات والهواتف والأجهزة وغيرها، كل ذلك في سبيل المفاخرة والمباهاة أمام الناس فقط وليس لأي هدف آخر.. إلا من رحم ربي.. وهم للأسف أقلية في هذا الزمن. أما الأعراس، فقد أصبحت المكان الأنسب للتقليد والمباهاة على حساب إثقال كاهل الشباب الذي يسعى مستميتاً لتحصين نفسه بالحلال، وللحصول على الاستقرار مع الزوجة المناسبة، التي سوف تشاطره أعباء الحياة، ولكنه لا يقوى على رفض سلسلة الطلبات غير المنتهية من قبل الزوجة، أو على الأغلب من قبل والدتها، التي تريد أن ترى عائلة فلان أنها ليست أقل منهم بشيء، وعائلة فلان التي لم تطلب نسبهم بأن ابنتهم قد جاءها من يقدرها ويصنع لها المستحيلات، ولابد أن تعرف أم فلان أن العروس قد تزوجت بمن لايرد لها طلباً، وغير ذلك من سلسلة المباهاة والمفاخرة التي يدفع فواتيرها الشباب، الذي يجد نفسه بين عشية وضحاها قد أصبح أسيراً ومكبلاً بقيود السلفيات والقروض، التي لاترحم، حتى تتحول حياته مع عروسه إلى جحيم وعبء لايقدر عليه.. وما كل ذلك إلا بهدف التقليد الأعمى لهذه الجارة، أو تلك الصديقة، أو القريبة، وحتى يقال كذا وكذا عن العروس وعائلتها، فإلى متى تستمر هذه الظاهرة السلبية، وإلى متى ترجع العقول سليمة واعية كما كانت، لا تفكر إلى بما يرضي الله تعالى ومن ثم بالمصلحة العامة.. حتى في المناسبات الحزينة وبيوت العزاء أصبحنا نرى العجب العجاب من التباهي بعدد الفتيات اللواتي يتم إحضارهن لتقديم القهوة والوجبات، وأصبح الكثير من القاصدين لتلك المناسبة إما للاستكشاف أو الفضول أو غير ذلك، وليس لكسب الأجر والتخفيف عن أهل المصاب، وأصبحنا نرى ونسمع ما يبكي العيون ويحزن القلوب، فهنا زاوية لنساء يغتبن أهل المنزل على لباس أو ضيافة أو غير ذلك، وتلك زاوية تشمت فيها نساء من المتوفى أو أهله بسبب خلاف قديم، وغير ذلك مما يجعلنا نقف ونصرخ، لعل صراخنا يوقظ ما تبقى من الضمائر الحية، ونقول أما آن لنا أن نتقي الله في أنفسنا وفي أبنائنا وفيمن حولنا، ونكف عن التقليد الأعمى وعن المفاخرة والتباهي على حساب سعادتنا وراحتنا وربما على حساب سعادة من نحب، فقط من أجل أن يقال عنا كذا وكذا.. لنكن أبسط من ذلك ولنعد قليلاً للوراء بقلوبنا وبتفاصيل حياتنا علنا نرجع بسطاء أنقياء لا تكبلنا قيود التقليد والمظاهر الكذابة.