12 سبتمبر 2025

تسجيل

"درس عن الاعتذار والأسف"

28 فبراير 2012

تفرز الحياة بين الحين والآخر جملة من المواقف المشحونة بكثير من التوتر في العديد من الزوايا المختلفة التي تجمعنا كأفراد مجتمع واحد، بسبب خلافات تنشأ عن اختلافات غالباً ما تكون في الرأي الذي يتشبث به كل واحد منا ظناً منه بأنه على صواب ولابد أن يحافظ عليه، ولكنه وفي المقابل يصبح معلقاً ومغرماً برأيه الفارغ (أحياناً)؛ ليتدلى منه وحسب، كما هو الحال مع غيره ممن يجيدون المحاكاة فقط، وكنتيجة طبيعية يمتد ذاك التوتر ويتمادى؛ ليكتسح ما يستحق وما لا يستحق ذلك في العلاقات التي تربط كل واحد منا بالآخر، وعليه تغضب النفوس وتتقاذف التهم؛ لتتراشق من بعد ذلك بـ (كتل من اللوم)، لا تدركها الأقلام الرشيقة والمحترمة؛ لأنه كل ما لا يتناسب وذوقها العام الذي لا يهدف إلا لكل ما هو راق، مما يجعل النهاية جريئة تقف وبكل قوتها أمامنا والموقف؛ لتقول: لكم كل الحرية بالمتابعة، فإما أن نستخدم العقل وكل ما فيه من خلاصة تجاربنا السابقة وبكل عقل، وإما أن نقذف بكل ما سبق عرض حائط (التجاهل)، وهو ما يعني بأن عجلة المشاعر السلبية قد بدأت بالدوران، وستستمر حتى تجد من أمامها ما يقف؛ ليجمد حركتها ويُنهي بذلك هذه الحرب التي بدأت بسبب تشبث أحدهم برأيه، والغالب بأنه على خطأ، لا يحترم به غيره، ولا يسمح له بالحصول على أبسط حقوقه ألا وهو "النقاش الحقيقي والجاد". نحن والأسف إن كثرة الخلافات، وما ينجم عنها من مشاهد تعقبها، تجعل جدية العلاقات مهترئة، لا يمكن لكلمة الأسف بأن ترقعها في كل مرة وإن تكررت منا، وهي الحقيقة التي يجهلها البعض، ويتجاهلها البعض الآخر؛ لتغيب عن الجميع إلا من رحمه الله، مما يعني بأن الغالبية تجهل قيمة الأسف، وتفرط بحق استخدامه بكثرة استخدامه كل الوقت، لأمر يستحق وآخر لا يستحقه بتاتاً، حتى أصبح مجرد Plaster يهرع إليه من يهرع كلما جرح غيره بتصرفات وأفعال لا تُغتفر أحياناً. إن كلمة الأسف التي تحتفظ بنفس المعنى القيم وإن اختلف لفظها، والتي يمكن بأن نكررها دوماً ونقول (Sorry) لا تليق لأي جرح نتسبب به للآخرين، مما يعني بأن Sorry is not a plasterيُباع في أي مكان، ونحمله معنا أينما ذهبنا؛ لنغطي به كل ما سنتسبب به لغيرنا من جراح، لربما تهدأ ولربما لن تدرك معنى الهدوء أبداً، ولكنها كلمة تستحق الغوص فيها أكثر؛ للتعرف عليها، وعلى كيفية استخدامها وفي الوقت الذي يستحق ذلك. كل ما سبق لا يعني بأن الاعتذار لا يستحق بأن يرى النور منا يوماً، بل على العكس تماماً، فنحن بأمس الحاجة إليه في حياتنا؛ كي نعبر عن الإنسانية التي نتمتع بها، ونؤكد على وجودها، وعلى سريان دمها الصالح في عروقنا، ولكن زهق روحه أي (الاعتذار) بصيغته الوهمية وبشكل متكرر لا يصمد لأكثر من مجرد خطوات، فهو وبلاشك سيسقط من بعدها؛ ليسقط معه كل ما سبق وأن رفعناه، وهو تحديداً كل ما يتوجب علينا تجنبه والابتعاد عنه؛ كي نحافظ على علاقاتنا الطيبة بالآخرين، ونكون علاقات أخرى تتميز بالقوة والصلابة، وكل ما يفوح منه عبير الإنسانية الخالصة. وأخيراً من الطبيعي أن نختلف، ومن الطبيعي أن نذنب ونمر بكل المراحل التي سبق وأن ذكرناها، ومن الطبيعي أيضاً بأن نخرج من هذا المقال وفي القلب نية واحدة وهي التفكير ملياً بقيمة الاعتذار، وضرورة تقديمه بشكله السليم وفي الوقت المناسب، والحق بأنه واجبنا جميعاً، بحكم أن من أهم المتطلبات الأساسية للفوز بمجتمع إنساني خالص، وحتى يكون لنا ذلك فعلاً، فليوفق الله الجميع. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]