17 سبتمبر 2025

تسجيل

325 (قل الحمد لله وستفلح)

28 يناير 2014

في الحياة نقابل الكثير من الشخصيات، غير أنها لا تؤثر بنا دفعة واحدة، فهناك من نعيش معها ولا نكتشفها إلا بعد حين، وهناك من نعيش معها ونحسب بأننا نعرفها جيداً، ولكننا نعيش معها في كل يوم فصلاً جديداً، حتى نشعر بأننا لا نعرف عنها أي شيء، وهناك من تعيش معنا ولكنها تحرص على أن تظل غامضة، وبين كل تلك الشخصيات نبرز نحن لنا نحن، وهو الأهم؛ لأن الإنسان وإن تمكن من معرفة ذاته؛ لتمكن من تحديد أهدافه وبشكل دقيق، ولاجتهد وبكل جد؛ كي يحققها دون أن يردعه أو يؤخره عن فعل ذلك أي شيء، في حين أنه وإن لم يعرف ذاته ولم يتعرف عليها فإنه سيظل يبحث هنا وهناك على أمل أن يجد ضالته، غير أنه لن يتمكن من فعل ذلك إن سمح لذاته بأن تنشغل بالآخرين؛ كي تصبح مثلهم أو تخرج بمخلوق آخر يميل إليهم أكثر، ويكاد بالكاد يدرك وجوده، وحتى تصل الأمور إلى تلك المرحلة سيكتشف بأنه لم يكن يوماً كما كان يريد، ولكنه تحول إلى آخر سيزعجه أن يدرك وجوده بداخله، وسيضطر إلى التخلص منه، فإما أن يكون ذاك المخلوق وإما أن يكون هو بذاته، والخيار له وحده بما يرغب بأن يكون عليه، ويبقى السؤال: ما الذي سيختاره؟ وما الذي ستختاره أنت؟لا بأس في أن تعيش بوضع متوتر حين تطل البداية برأسها؛ لتدرك ما أنت عليه، وتحديداً حين تشعر بأنك لا تدرك ما تريد، ولكن من الظلم أن تمتد لحظات التوتر تلك، التي ومن المؤسف أن تشغلها بتتبعك للآخرين؛ لمعرفة ما يفعلون؛ كي تُقبل عليه وهو ما لا يليق بك فتصبح على شاكلته، والمصيبة أنه سيأخذ من عمرك الكثير وأنت لا تدري؛ حرصاً منك على القيام بما يقومون به وبجدارة تحسبها ستدركك، غير أنها لن تفعل فلكل فرد بصمته التي تميزه، ولا يمكن أن تكون لغيره أبداً.إن هدر طاقتك وصرفها على متابعة غيرك؛ للتقدم بما يكون منهم، أو لتصيد زلاتهم ورفع راية شماتتك بهم، أمور ستصرفك عن أهم شؤون حياتك، التي يجدر بك متابعتها بجد وبإخلاص؛ كي تنجز، ويحق لك بأن تتباهى بجودة ما قد أنجزته بدلاً من متابعة حياتهم؛ لذا ركز وضاعف من درجة تركيزك؛ كي تحقق الكثير وبوقت قياسي مقاسه من مقاس آمالك وطموحاتك، ولا تفسح لتلك العادات الفارغة أن تشغلك؛ لأنها فارغة ستفرغ كل ما في جعبتك دون أن تضيف لك ما يمكن بأن يعود بنفعه عليك، حتى ومتى انتهت منك، شعرت بوحدتك وهي تعانق فشلك وأنت تتابعهما دون أن تتمكن من النطق بحرف واحد، يمكن أن يخفف عنك حينها.ما الحاجة إلى متابعة الآخر إن كنت ناجحاً ولديك ما يشغلك أصلاً؟ هل تعلم بأنك إن فعلت فستفسح المجال له؛ كي يمضي قدماً أما أنت فستظل حيث هي أقدامك؛ لتكتشف وبعد مرور الوقت بالعجز الذي سيجعلك تعيساً، وإن أقبلت على فعل أي شيء فإنه سيبدو صغيراً ومتقلصاً لا حجم له، بل إنك لن تراه أصلاً؛ لانشغالك بما يفعله غيرك وما يخطط له، أما أنت فلا تملك القدرة على فعل الأول ولا الثاني؛ لأنك ومن جديد تفكر بغيرك وتنشغل به دون أن تنشغل بذاتك، وهي الأهم أصلاً، وهو كل ما سيكون بفضلك؛ لأنك من سمحت بذلك من المقام الأول، وبفضل الكراهية التي تحملها لذاتك؛ لأنك وإن أحببتها؛ لحرصت على أن تكون الأفضل وبكل وسيلة مشروعة وممكنة؛ لذا وإن رغبت بأن تثبت بأنك تحبها (ذاتك) فمن الأفضل أن تتقدم نحو الأفضل؛ لتقدم الأفضل فقط، دون أن تقبل بأقل من ذلك، فهل يمكنك فعل هذا؟لاشك أن هذه المهمة سهلة للغاية وإن بدت صعبة، وكل ما عليك فعله؛ لتتأكد من أنها كذلك هو التقرب من الله بشكره كل الوقت عن كل النعم، التي قدرها لك وخصك بها، فإن فعلت كتب الله لك من الخير الكثير، وجنبك الشر أياً كان حجمه.من القلبرطب لسانك بذكر الله في كل موقف تعيشه، دون أن تسمح لليأس بأن يغتال صبرك، ولتشكرِ الله على كل شيء مهما كبر، فالله أكبر، وقل: الحمد لله وستفلح بإذنه تعالى.