15 سبتمبر 2025

تسجيل

مع القراء

28 يناير 2013

لا شك أن رأي القارئ لأي نص شعري أو روائي، يعد عند الكاتب من الأشياء المهمة، وبالتحديد من الأعمدة التي ربما ترتكز عليها كتابته بعد ذلك، رغم أن بعض الكتاب يتعالون على القارئ، ولا يهتمون بآرائه كثيرا، ناسين بأنهم يتوجهون إليه وحده، ولولا وجود قارئ للكتب، ما وجدت الكتابة أصلا. وقد سعدت كثيرا بظهور أجيال جديدة من القراء المبدعين، يمكنها أن تشارك الكاتب خفقاته وانفعالاته. وتتعمق في نصه بعيدا، وتخرج بأشياء ربما لم يكن الكاتب نفسه يستطيع استخراجها لولا هؤلاء القراء. الآن توجد على الإنترنت، مئات المواقع التي تشجع على القراءة، وربما تساهم الآراء التي تطرح فيها، في توزيع الكتاب، فالذي تعجبه رواية أو مجموعة شعرية، لا يحتفظ بإعجابه داخله، وإنما يبثه لأصدقائه ومعارفه، الذين يسرعون باقتناء الكتاب، ويتحدثون عنه بعد ذلك. منتديات القراءة تلك، أصبحت تقوم بمهام المقاهي الثقافية التي كانت سائدة فيما مضى، وقد جلست في العديد من تلك المقاهي أيام بداياتي في مصر ورأيت كيف كان الناس يبدون آراءهم في الكتابة، وكيف أن كتابا مغمورا، سطع فجأة وسطا على ذهن القارئ، لأن عدة قراء مهمين، تحدثوا عنه باحترام، ومن تلك الكتب كما أذكر، رواية العطر للألماني باتريك زوسكيند التي تتحدث عن صانع العطور القاتل في بحثه عن عطر إنساني، ورواية عالم صوفي التي تتحدث عن تاريخ الفلسفة، وكثير من الروايات العربية الجميلة التي ما كان لها أن تنتشر كل ذلك الانتشار لولا وجود من قيمها انطباعيا، بعيدا عن تعقيدات النقد الأكاديمي. من تلك المواقع الحافلة بالنشاط القرائي، موقع (Good reads)، وتعني القراءة الجيدة. كل قارئ يمكنه أن يسجل حسابا في ذلك الموقع، يمكنه أن يضع قائمة بالكتب التي قرأها أو يريد قراءتها، أو التي أوصى بها أحد أصدقائه. يمكنه أيضا أن يضع رأيه في الكتاب بلا تردد، ويشارك الآخرين آراءهم فيه، وفي النهاية يمكنه أن يقيم الكتاب باختيار نجمة أو نجمتين أو حتى خمس، حسب رأيه. ولأن القائمة الطويلة أو القصيرة من جائزة البوكر العربية، تعد موسما خصبا للقراءة، بتنويهها للكتب المختارة، فإن القراء دائما ما يمنحونها أولوية خاصة، يضعون القائمة، ويبدأون في تشريحها، وربما منحوا احترامهم لرواية دخلت القائمة الطويلة، وخرجت، وعدم احترامهم لرواية وصلت إلى القائمة القصيرة، أو حتى نالت الجائزة الكبرى. وأيضا هناك من يضع قائمته الخاصة ويدافع عنها. لذلك وإيمانا مني بضرورة القارئ الذي أعتمد عليه في تقييم نصوصي وضعت على غلاف الطبعة الثانية من روايتي صائد اليرقات، جنبا إلى جنب مع تعليقات النقاد، تعليقا لقارئة اسمها زهرة، ربما ستفاجأ لو عثرت عليه، لكنه حقها بكل تأكيد، أن يهتم بها الكاتب كما اهتم بالنقاد المساندين لعمله، فهي وكثيرون غيرها أعمدة أساسية في الارتقاء بالعمل الإبداعي. وأنوي مستقبلا أن أملأ الأغلفة الخلفية لرواياتي بآراء القراء سلبية كانت أو إيجابية.