19 سبتمبر 2025
تسجيليلزم صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ بعض القرارات الصعبة خلال العام 2016 تتضمن تنفيذ إصلاحات اقتصادية وذلك في إطار التكيف مع ظاهرة بقاء أسعار النفط منخفضة. وكانت أسعار النفط قد هوت منذ منتصف 2014 بشكل غير طبيعي مع عدم وجود أي نهاية في الأفق لهذا الانحدار التاريخي. مما لا شك فيه، تترك التغيرات في أسعار النفط في كلا الاتجاهين آثارها على الخيارات الاقتصادية للمنظومة الخليجية. ويعد القطاع النفطي بما في ذلك الغاز جوهريا لرفاه اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لكونها المصدر الرئيسي لإيرادات الخزينة والتصدير، فضلا عن مكون محوري للناتج المحلي الإجمالي. توفر عوائد النفط التمويل اللازم لتغطية النفقات العامة لكن بات هذا الموضوع مصدر تحدٍّ على خلفية تراجع أسعار النفط. بل بات من الصعوبة بمكان افتراض متوسط سعر للنفط قابل للصمود.مؤكدا، يعتبر التنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط هدفا حيويا وفي غاية الأهمية لكنه يتطلب خطوات مستدامة وليس من الممكن تحقيق ذلك بصورة مستعجلة أو نظرا لوجود الحاجة إليها. ويمكن الزعم بأن بعض الاقتصادات الخليجية نجحت وأخرى تحقق نجاحات فيما يخص التنويع الاقتصادي. فقد نجحت دبي في تطوير مزايا تنافسية في مجالات الطيران والسياحة وإقامة المؤتمرات. ومن شأن استضافة إكسبو 2020 في دبي تعزيز دور القطاع غير النفطي في الإمارة. والحال نفسه بالنسبة لقطر عبر استضافة كأس العالم 2022 الأمر الذي يتطلب تطوير جوانب مهمة أخرى مثل البنية التحتية، بما في ذلك نظام مترو محلي، ما يخدم تطلعات مختلف القطاعات التجارية ويفتح آفاقا تجارية جديدة.من جهة أخرى، توفر ظاهرة هبوط أسعار النفط فرصة تاريخية لإنجاز إصلاحات اقتصادية في المنظومة الخليجية بغية التخلص من بعض الأعباء المالية العامة، مثل الإعانات والدعم والصرف على الكماليات. وفي هذا الصدد، أخذت الإمارات دور الريادة في 2015 عبر تعديل أسعار المنتجات البترولية على مستوى البيع بالتجزئة وربطها بالأسعار في الأسواق الدولية. اللافت في هذا الصدد هو تقليص وليس رفع أسعار المنتجات النفطية في الأسواق المحلية في الإمارات في الشهور القليلة الماضية تماشيا مع التوجهات العالمية.وخلال السنة نفسها، تحركت البحرين لتعديل الإعانات المقدمة للحوم. ويوجد توقع برفع أسعار الكهرباء وربما المنتجات النفطية في البحرين في 2016 بغية ترشيد نفقات الموازنة العامة. وربما يتم تغيير تعرفة الكهرباء المرتبطة بالعمالة الأجنبية، فضلا عن الحد من الدعم المقدم للمواطنين. يمثل التغلب على البطالة أو خلق فرص عمل كافية تحديا آخر لبعض اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وتحديدا عمان والبحرين والسعودية، خصوصا في أوساط الشباب. على مستوى التكامل الاقتصادي الخليجي، الأمل كبير بتطبيق المزيد من مبادئ الاتحاد الجمركي من جهة والسوق الخليجية المشتركة من جهة أخرى. وكانت القمة رقم 36 في الرياض قد أكدت على المضي قدما في تطبيق المشاريع التكاملية تحقيقا للأهداف الاقتصادية للمنظومة الخليجية، أي ترجمة الفوائد لرعايا دول المجلس. ومن الواضح أن العام الجديد يجلب معه فرصا وتحديات اقتصادية متشبعة. ويخشى أن يؤدي عدم تنفيذ إصلاحات اقتصادية بالتسبب في تسجيل عجز للموازنات العامة وإلحاق أضرار بالملاءة المالية لأكثر من دولة خليجية. حاليا، تعاني بعض الاقتصادات الخليجية من نظرة مستقبلية سلبية من قبل بعض مؤسسات الملاءة المالية مثل ستاندارد أند بور نتيجة هبوط أسعار النفط.الشيء المؤكد هو عدم وجود رفاهية للتأخر في تبني خطوات إصلاحية للاقتصادات في ظل الخلل الموجود في الموازنات العامة والملاءة المالية.