12 سبتمبر 2025

تسجيل

مونديال العرب إلى العالم

27 نوفمبر 2022

قلوبُ الكرامِ هي منازلُ للكرام، وقد كانت قلوب كرام أمتنا هي منازلنا التي فاض النُّبْلُ والكرمُ فيها علينا، ففاضت قلوب القطريين بالاعتزاز بإسلامهم وعروبتهم، واجتمعت الأمة للمرة الأولى، منذ عقودٍ، على إنجازٍ حضاريٍّ عظيمٍ تمثل في المونديال الذي كان عربياً خالصاً، وكانت عبارة سمو الأمير في افتتاحه: "من قطر.. من بلاد العرب"، إشارةً إلى اعتزازنا بتمثيل أمتنا في تنظيمه. منذ انطلاقة المونديال، قبل 7 أيام، وبلادنا تنشر في العالم، كله، روعة الإسلام الحنيف ونُبل العروبة، وتُبرز الصورة الإنسانية والحضارية للإنسان العربي المسلم الذي يستطيع تحقيق المعجزات عندما توجد لديه قيادةٌ ملتزمةٌ بعقيدة وقضايا أمتها، وتدرك أن الأوطان لا تُحددها الجغرافيا، وإنما تمتد على مساحات شاسعة من مشاعر الانتماء لحضارةٍ وتاريخٍ مجيدين، وحاضرٍ يجب بناؤه على أسس من التأثير الإيجابي في الآخر، وتنويره بقيمنا وأخلاقنا التي لا يمكن لأحد أن يشوِّهها، ولا أن يفرض علينا ما يخالفها. اثنا عشر عاماً، وبلادنا تتحصن بالإسلام والعروبة وهي تُعدُّ للمونديال، وتتصدى بهما لكل الحملات المُغرضة، لأن قدرنا، في قطرنا الحبيبة، أن نكون إحدى القلوب النابضة بالحياة في جسد أمتنا العظيمة التي تتعطش قلوب أبنائها لفرحةٍ توحِّدهم، وأملٍ يجمعهم. أمتنا التي وقفت معنا، كالعهد بها، فكانت الحصن المنيع الذي تحطمت عليه كل الدَّعاوى والأكاذيب، فكان التنظيم الرائع للمونديال هو الهدية التي قدمتها بلادنا لها. كم كانت رائعةً تلك اللمسة الإنسانية، في افتتاح المونديال، التي رأيناها في علاقة الابن البار بأبيه الكريم، عندما فاجأ سمو الأمير المفدى والده؛ سمو الأمير الوالد بقميصٍ ارتداه في مقتبل شبابه، ويطلب من سموه التوقيع عليه، وكأنما يقول له: إن الآمال العظيمة التي كانت في قلبك، يا أبي، قد تحققت، وازدانت بلادنا بالإنجازات الحضارية الكبرى، وها هي، اليوم، تجمع العالم فيها، وتنبض بالإسلام والعروبة. الوجوه الحبيبة للأشقاء العرب والمسلمين، تبعث في قلوبنا سعادةً لا حدود لها. وجوهٌ طيبةٌ تنطق بالاعتزاز ببلادنا التي جمعت قلوبهم قبل أن يجتمعوا بأجسادهم فيها. وحين نلتقي بالسعودي والمغربي والتونسي، ونشاركهم آمالهم بالفوز في مباريات منتخباتهم، تتدفق مشاعرهم النبيلة تجاه بلادنا، فتهتز قلوبنا فرحاً بانتمائنا لأمة عظيمة نسعى للإسهام في نهضتها بما نستطيع. عندما تحدث المسؤولون عن الدراسات الشرقية في جامعات العالم عن المونديال، قالوا إنه أعظم حَدَثٍ يُقدِّم للعالم الحضارة العربية الإسلامية بصورةٍ لم يسبق لأمتنا أن قدمتها بهذا المستوى الرفيع من الرؤى والإدارة الفعالة لكل ما يتصل بالبطولة؛ لأن بلادنا مارست سيادتها، ولم تقبل تمرير أي شيء يمس بعقيدتها وقيمها، وكان تجاوب الأمة معها أساساً في الاستمرار في رسمِ ملامح عهد جديد من العلاقات بين الحضارات والثقافات، لا توجد فيه حضارةٌ متفوِّقةٌ تريد أن تفرض قيمها على العالم، وإنما توجد حضاراتٌ متمايزةٌ ينبغي احترام خصوصية كلٍّ منها، بحيث تنتهي فكرة مركزية الحضارة الغربية، بغثِّها وسمينها. إن المونديال في قطر هو النقطة التي سيبدأ التغيير منها لصالح الحضارة الإنسانية بوجود دور هائل للحضارة الإسلامية والعربية فيها. كلمة أخيرة: أمرٌ رائعٌ أن نكون، نحن القطريين، عرباً مسلمين، والأروع أن يكون وطننا الأكبر هو قلوب وضمائر الكرام من أبناء أمتنا. كاتب وإعلامي قطري