29 أكتوبر 2025
تسجيلالتحضيرات والمباريات وتميز التنظيم وسلاسة ومجانية التنقل في الأسبوع الأول، وإدارة وأداء ومفاجآت في الأسبوع الأول في كأس العالم في قطر، ورغم خروج منتخب قطر من دور المجموعات برغم الأداء المشرف لا ينتقص من مكانة ودور وإنجازات قطر في هذه البطولة. وسيخلد التاريخ أن قطر هي أول دولة خليجية وعربية وإسلامية تستضيف أهم حدث رياضي عالمي، وكسرت حاجز احتكار الغرب ودول محدودة شرف استضافة الحدث الرياضي الأهم على مستوى العالم. وأننا أمام بطولة كما توقعها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم -الفيفا- ستكون الأفضل على الاطلاق. وبرغم حملة العداء والافتراءات وحملات الاستفزاز والتشويش التي لا تزال تتعرض لها دولة قطر منذ الإعلان عن استضافتها كأس العالم عام 2010، وحتى بعد انطلاق البطولة الأسبوع الماضي- بإصرار فرق أوروبية على ارتداء شارة المثليين. ووقفت الفيفا مع قطر في حظر ارتداء الشارات وملابس مقاتلي الحملات الصليبية المستفزة-محذرة من عقوبات على الفرق التي تخرق حظر ارتداء الشارة. وكذلك رفض تسييس الرياضة كما طالب الرئيس الفرنسي، ونصح وزير خارجية بريطانيا الجديد باحترام الثقافات وخصوصية الدولة المضيفة. ومع ذلك في صورة جماعية مستفزة ظهر منتخب ألمانيا مكمم الأفواه احتجاجاً على منع ارتداء شارة المثليين قبل صعق اليابان الألمان بخسارة مدوية. بينما وضعت وزيرة داخلية ألمانيا في الاستاد شارة المثليين في موقف يخلو من الدبلوماسية واحترام اختلاف الثقافات. وكذلك دعمت التوجه ذاته وزيرة الرياضة الفرنسية، بينما ركع منتخب إنجلترا في الملعب مرتين رفضاً لقرار الفيفا منع ارتداء شارة المثليين! واضح أننا نواجه خلافات وصراعا للقيم والمبادئ والمعتقدات عرتها بطولة كأس العالم في قطر.. كان المفترض أن تجمع وتوحد وتتفهم حساسية الثقافات والمعتقدات الدينية التي تؤمن بها الدولة والشعب المضيف وكثير من المنتخبات- بعيداً عن التنمر وفرض قيم تخالف معتقدات وطبيعة البشر. وبرغم ذلك، واستمرار الحملة المعادية، تابعنا نجاح وتميز وتنظيم قطر والتحضيرات اللوجستية داخل الملاعب الحديثة وخارجها وكذلك سلاسة التنقل بين الملاعب، والنقل الحي لشبكة بي ان سبورت ما لفت وأثار الجمهور والمشجعين في الملاعب وحول العالم، وخاصة الجمهور العربي الذي تابع وشجع، وأُعجب الكثيرون بأداء المنتخبات العربية الملفتة، برغم توديع قطر البطولة، لكن بصمة الإنجازات باقية. وسيتذكر العالم وهذا الجيل والأجيال القادمة أن مونديال كأس العالم في قطر هو مونديال المفاجآت وبعضها كان صادماً وغير متوقع! وكان ملفتاً مفاجآت أداء المنتخبات العربية التي خالفت جميع التوقعات بتحقيق أكبر مفاجآت في البطولة. أبرزها فوز السعودية على ميسي ومنتخب الارجنتين المرشح للفوز بالبطولة في مباراة تاريخية! والملفت في انتصار السعودية كانت الفرحة والبهجة العربية والتفاف الجماهير والاحتفالات من الخليج إلى المحيط بانتصار السعودية المبهر على منتخب الارجنتين الفائز بكأس العالم مرتين، والمنتخب المرشح للفوز بهذه البطولة في قطر أيضاً. وكذلك كان أداء وتعادل منتخبي تونس ضد الدنمارك والمغرب ضد كرواتيا-وصيفة بطل العالم فرنسا عام 2018 في روسيا، مميزاً بطعم الانتصار ضد منتخبين قويين. وتمنياتنا بمزيد من النجاح والتقدم للمنتخبات العربية. أشعلت إنجازات المنتخبات العربية الحماس وروح الالتفاف والتضامن العربي في لحظة نادرة طال انتظارها وحدت شعوبنا العربية، ووجدنا أنفسنا جميعنا بلا تفكير وتلقائياً قطريين وسعوديين وتونسيين ومغاربة نشجع الفرق العربية ضد أي فرق أخرى. وأثبت العرب بالتالي ليس القدرة فقط، بل والنجاح بتنظيم كبرى البطولات والمهرجانات العالمية. وهكذا وضعت قطر بصمتها وحضورها كدولة عربية على خريطة تنظيم البطولات العالمية. كما كان تفاعل الجماهير العربية عفوياً ومعبراً بالرد على استفزازات الإعلاميين الإسرائيليين الذين حاولوا استفزاز الجمهور القطري والعربي باحتقار ونبذ والتشكيك بوجود الكيان الصهيوني، صادماً للإعلاميين الإسرائيليين الذين صُدموا بواقع بعد عامين من تهافت التطبيع وإقامة علاقات دبلوماسية، أنهم لا يزالون منبوذين ومرفوضين من الشعوب العربية، التي تقف قاطبة مع الحق الفلسطيني، وترفض الاعتراف بوجود الكيان المحتل ودمج الصهاينة وسط عالمنا العربي. هذا الواقع المؤلم للصهاينة، تجلى بوضوح، ويعد من الإنجازات التي تُضاف لما تقدمه بطولة كأس العالم في قطر. أما على المستوى السياسي، فقد نجحت قطر بترتيب لقاء ومصافحة بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان-لا شك سيساهم بطي صفحة فتور العلاقات والخلافات بعد عقد من الحرب الباردة منذ الربيع العربي واقصاء حكم الرئيس محمد مرسي وما ارتكب من تجاوزات واستضافة المعارضة التركية في إسطنبول. وكان ملفتاً توشح ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وشاح قطر وتوشح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وشاح السعودية وتشجيع الأمير الوالد منتخب المغرب. يُضاف لما سبق، استضافة قطر كأس العالم وإبراز الوجه الحضاري والثقافي للعرب والمسلمين والحق الفلسطيني بارتداء شارة "الكوفية الفلسطينية" على أذرع بعض المسؤولين، رداً على ارتداء شارة المثليين، والتذكير بمعاناة الفلسطينيين، والتعريف بالإسلام وسماحته وتعاليمه والثقافة العربية. وأعلن عن اعتناق عدد من الحضور الإسلام، ما يُضفي على استضافة قطر لكأس العالم أبعاداً تتجاوز الرياضة إلى التعرف على حضارات وثقافات وعادات وتقاليد، تمزج الرياضة بالسياسة بالاقتصاد. كما ان النجاح ليس لقطر فحسب، بل هو نجاح لنا جميعاً بإبراز مكانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية كمركز محوري وقلب للنظام العربي. ونجاحات استضافة بطولات رياضية عالمية ككأس العالم في قطر وأكسبو 2020 في دبي وفورميلا 1 في أبوظبي والمنامة والسعودية، وبطولات تنس وغولف وغيرها من الرياضات، وأفرع لمستشفيات وجامعات عالمية ومراكز دراسات فكرية واستراتيجية، تكرس جميعها قوة مجلس التعاون الخليجي الناعمة، وأحقية دول المجلس قيادة النظام العربي.