21 سبتمبر 2025

تسجيل

انتفاضة عالمية ضد تسييس شعائر الدين

27 نوفمبر 2017

من أسوأ وأخطر ما تمر به الأمة الإسلامية هذه الأيام استراتيجية توظيف الشعائر الدينية لتحقيق أغراض سياسية وهو ما يعرف "بتسييس الشعائر"، الذي يعني استخدامها كحصن ووسيلة لبعض الأنظمة لفرض وصايتها وهيمنتها على الدول التي تختلف معها في الرؤى ولقمع المعارضين لها. ولقد رأينا وتابعنا خلال مؤامرة الحصار الجائر المفروض على قطر كيف لجأت السعودية إلى تسييس الحج والعمرة فكان منع حجاج قطر من أداء الفريضة كما تعطل سفر المعتمرين؛ فضلا عن المضايقات التي تعرض له المعتمرون الذين توافق وجودهم في المملكة مع الأيام الأولى للأزمة. لم تغضب وتزعج تلك السياسة السعودية قطر فحسب، ولكنها أثارت أيضا استياء العالم الإسلامي كله، ونظرا لخطورة تلك الاستراتيجية انطلق من إندونيسيا أمس ما يشبه الانتفاضة العالمية ضد السعودية ضمن حملة احتجاجية من دول إسلامية وجاليات مسلمة حول العالم، للرد على ذلك التجاوز والتهور السعودي بحرمان من لا يتفق معها سياسياً من الحج والعمرة. والذي يعد خرقا للاتفاقيات الدولية، باعتبار أن أداء الشعائر الدينية بكل حرية حق لكل مسلم. الحملة تمثل حراكا عالميا، يركز بشكل خاص على العالم الإسلامي والجاليات المسلمة في الغرب لضمان حرية العبادة لكافة المسلمين على اختلاف توجهاتهم السياسية أو انتماءاتهم العرقية. لم يتوقف القمع والتسييس عند هذا الحد بل تعداه إلى حد اعتقال السعودية مؤخرا عددا من المعتمرين بسبب انتمائهم لمجموعات وأحزاب سياسية معارضة لها، من بلدان إسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا ونيجيريا والسودان. وأمام خطورة الظاهرة فقد رأت الحملة إنشاء فروع لها في كافة الدول المسلمة، لمتابعة ما تقوم به السعودية من انتهاكات ضد الشعائر الدينية وتسجيل الاعتراضات. المتأمل في التاريخ يلحظ أن السعودية طالما لجأت إلى تسييس الشعائر كذريعة لشن حروبها والخروج من أزماتها، وكان أحدث تلك الحلقات دعم الفكر المتشدد بالمال والسلاح، ومحاربة الفكر المعتدل، وآخر تلك الفصول محاربة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يمثل الوسطية الإسلامية بكل سماحتها.