13 سبتمبر 2025
تسجيلإن بناء الإنسان هو الخطوة الأساسية الأولى في بناء الحضارات، وكلنا يعلم أن أول نص أنزله الوحي في مشروع بناء الإنسان كان "اقرأ" ومن هنا جاءت أهمية الكتاب والمكتبات. ان المكتبات في الحضارة الإنسانية والإسلامية بصفة خاصة من أهم المؤسسات الثقافية التي كان لها دور كبير في الحياة الثقافية والعلمية بين المسلمين وفي العالم. ولقد استوعب المسلمون الإنتاج المعرفي الذي قدمته الحضارات التي سادت قبلهم كاليونان، والفرس، والهند، والصين، ومصر، والعراق، من خلال الكتب وترجمتها إلى اللغة العربية مما ساهم في بناء الحضارة الإسلامية التي سادت العالم لقرون طويلة في الوقت الذي كان الغرب يعيش في ذلك الوقت عصرا من الظلام. ولهذا فان أي أمة تريد أن تكون صاحبة حضارة وتقدم إنساني عليها أن تعمل على الاهتمام بالمكتبات لتكون منارة للعلم والبحث. ومن هذا المنطلق فانني أشيد بالمشروع الوطني الذي تم تدشينه الأسبوع الماضي وهو مكتبة قطر الوطنية الجديدة التي سيتم افتتاحها خلال عام 2014 والتي قيل أنها لن تكون مجرّد مكتبة عادية، بل ستكون مكتبة رقمية ومتطورة وستتيح إمكانية الوصول إلى المعرفة بطريقة سهلة وملائمة لكل الأشخاص الذين يزورونها.وستشكّل ثروة وطنية سيكون باستطاعة الجميع الاستفادة منها. كما ستفتح هذه المكتبة نافذة على الثقافات المتنوعة حول العالم بحيث يكون بأستطاعة الشعوب في البلدان الأخرى التعرّف على ثقافتنا ومعرفة المزيد عنهّا. ولقد سعدت جداً عند الإعلان عن تدشين هذه المكتبة لأنها في حقيقة الأمر لن تكون مجرد مكان عادي لاستعارة الكتب، بل ستصبح مساحة للحياة والترفيه عن النفس في عالم المعرفة، ومكاناً للالتقاء والتواصل بين الناس. ستتحوّل المكتبة إلى مكان للثقافة والتربية، مكان للتعلّم وإجراء البحوث. وستصبح المكتبة مكاناً للاطلاع على المعرفة التي تراكمت على مدى آلاف السنين من عدة ثقافات وذلك من خلال الوسائل المتنوعة كالأفلام والموسيقى. كما ستتحوّل المكتبة إلى مكان يتيح للقطريين ابتكار منتجات جديدة، تأليف الكتب والقصص، إنتاج مقاطع أو أفلام فيديو، والتأليف والتواصل المعرفي مع العالم من خلال شبكة الانترنت. انني أتطلع لأن يكون للمكتبات العامة الدور الأكبر في التنمية الثقافية وتقديم الخدمات لكافة فئات المجتمع وليس مجرد ترفي حضاري بحيث تكون المكتبة جامعة مفتوحة للجميع وتعمل على ربط المواطن بثقافته المعاصرة وتراثه الماضي، وتتيح للجميع الإطلاع على مختلف الأفكار والاتجاهات الثقافية المختلفة ولهذا فان المطلوب من المؤسسات التعليمية من الآن العمل على تفعيل دور المكتب في حياتنا لتساهم بشكل حقيقي ولتلعب دورا أعظم في حياتنا من أجل بناء قطر المستقبل الحضارة والتقدم بدلاً من تكون مستودعات للكتب. والحقيقة أنني أؤكد أن هناك اهتماما الآن في مدارسنا بهذا الدور الريادي للمكتبة مركز مصادر التعلم لتصبح جزءا مهما من المدرسة لا غنى عنه وأداة فاعلة تساعد في إثراء المناهج الدراسية ونشر الثقافة العامة وإضافة إلى ذلك فهي تزود الطلبة بالخبرات والمهارات التي تساعدهم على توسيع أفقهم وتنمي لديهم العادات القرائية وتعرفهم بمحيطهم المباشر وبيئتهم المحلية والمجتمع المحلي. ولا شك أننا كتربويين مطلوب منا التأكيد بشكل واضح على أهمية القراءة وضرورة الاهتمام بها منذ المراحل الأولى للتعليم حتى نغرس في أبنائنا حب القراءة لنساهم في تعظيم دور المكتبة الوطنية ولتحقق أهدافها في بناء الإنسان القطري الفاعل في الحياة الإنسانية ونهضة أمته.