17 سبتمبر 2025

تسجيل

فداك أرواحُنا يا رسولَ اللهِ

27 أكتوبر 2020

في القرن الرابع الهجري، التاسع الميلادي، كانت إمارة حلب، في شمالي سوريا، هي الكيان السياسي الوحيد الذي يواجه الروم، ويقصم ظهورهم، ويمنع توغلهم في البلاد الإسلامية. واجتمع في عصر مجدها شخصانِ خلدهما التاريخ؛ هما أميرها سيف الدولة الحمداني، وشاعر العرب والعروبة الأكبر: أبو الطيب المتنبي، اللذان حملا هموم الأمة، والغيرة عليها، والدعوة لنصرتها، وفي العالم الإسلامي، آنذاك، تناثرت الدويلات التي تحالف معظم قادتها مع كل أعداء الأمة، وذكر المتنبي ذلك في إحدى قصائده الخالدات، حين خاطب سيف الدولة قائلاً: وَسِوَى الرُّوْمِ خَلْفَ ظَهْرِكَ رُوْمٌ فَعَلَى أيِّ جانِـبَـيْـكَ تَمِــــــيْلُ؟ اليوم، كَثُرَ الرومُ الداخليون الذين يناصرون الروم الخارجيين ضد ديننا وأمتنا، ويستهينون بالإساءات البالغة لرسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، بل ويستمرؤون المشاركة في الإساءة إليه. ولكن الطرفينِ يواجهان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وسيف الدولة، وصلاح الدين، وعبد الحميد بن باديس، وسواهم من عظمائنا الذين سرتْ أرواحهم في نفوس شعوب أمتنا التي انطلقت بفطرتها وغيرتها وحَمِيَّتِها للذود عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأبسط أسلحتها: مقاطعة المنتجات الفرنسية. ولابد أن نذكر هنا، أن كويتنا الحبيبة، بقيادتها وشعبها الرائعين، هي التي حملت أول مشاعل النور، حين هبَّ شعبها للدعوة إلى المقاطعة، ولم تمضِ ساعات حتى حملَ شعبنا في قطرنا الحبيبة ثاني مشاعل النور، وحملت شعوبُ عالمنا الإسلامي مشاعل أخرى، فأخذت ظلمات الإساءات الفرنسية لرسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، تتلاشى، وإذ بأبوظبي وأتباعها من ساسةٍ وتجار دين وطبالين ينتفضون لنصرة فرنسا، ويُذكِّروننا بالرومِ الذين تحدث المتنبي عنهم قبل عشرة قرونٍ. المتثاقفون من العلمانيين العرب، هم أهون الناس على شعوبنا، وأبعدهم عنا وعن قضايانا، لأنهم بلا قضية إلا اللهاث دعماً للمستبدين الذين لا يظهر هؤلاء العلمانيون إلا في ظلال استبدادهم وفسادهم، ولذلك لا نبالي بهم، لأننا في الأصل لا نعرفهم ولا نهتم بتنظيراتهم التي صدَّعوا رؤوسنا بها وهم يتحدثون عن الحريات والعدالة، ثم يهرعون لالتقاط فُتات موائد الاستبداد العامرة بثروات الشعوب، ودماء أبنائها. أما مَنْ يهموننا، وتذوبُ قلوبنا كمداً بسبب مواقفهم، فهم الذين كنا نُصدق أنهم علماء الأمة، قديماً، وتتصدع قلوبنا حين يعظوننا، ونبكي معهم حين يتباكون كذباً وهم يؤمون الناس في رمضان والعيدين. ونحن، المسلمين، لن نناقشهم في ميولهم للدنيا، وتفضيلهم لها على الآخرة، ولكننا سنرد على دَعاواهم التي وصلت إلى درجة التواطؤ على دعم الإساءات الفرنسية لرسولنا الحبيب، صلى الله عليه وسلم. خرجَ أحد هؤلاء على القنوات التي خصصتها أبوظبي لمهاجمة الإسلام والمسلمين، ليقول لنا إن الله تعالى كفى الرسول، صلى الله عليه وسلم، المستهزئين، ونرد عليه إن الله كفاه المستهزئين في زمانه، بدعوته له بالصدوع لأوامره في الدعوة لدين الله، أما في زماننا فإن المسلمين جميعاً مُطالَبون بالذود عنه بما يستطيعون، وألا يتركوا للصليبيين الجدد والصهاينة والمتصهينين العرب سبيلاً إلى ذلك. وخرج آخر على قناة لإعلام النظام الانقلابي في مصر، ليقول إن تركيا وقطر هما اللتان حركتا الشعوب لمقاطعة المنتجات الفرنسية، ونرد عليه إن الشعوب أعظم من أوهامه، ولو كان لتركيا وقطر دورٌ في هذه القضية فإنه يرفع من شأنهما، ويُزري بالمتصهينين العرب، وكان الأولى بهذا المُتمشيخ أن ينضم للشعوب بدلاً من مهاجمتها، وامتداح ما يفعله ماكرون ضد مواطنيه المسلمين، وضد أمتنا وعقيدتنا ونبينا، صلى الله عليه وسلم. أما ثالثة الأَثافي، فكان الموقف الإماراتي (البطولي) في مناصرة ماكرون والصليبيين الجدد في فرنسا، حين أعلنت أبوظبي عن دعمها للاقتصاد الفرنسي لمواجهة الحملة (الظالمة) على فرنسا، ونحن لا نستغرب هذا الموقف من قيادة أبوظبي التي يدعو تجار الدين من أتباعها إلى تخصيص جزء من الزكوات والصدقات لمساعدة الفقراء الصهاينة، بينما يعاني كرام أمتنا في غزة من الفقر والقتل والتدمير الصهيوني والصهيوعربي الممنهج لأقدس بقاع الأرض بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة. نقول لأبوظبي ما قاله شاعرنا العربي المصري الكبير، أمل دنقل: أَقَلْبُ عَدُوِّكَ كَقَلْبِ أخيكَ؟. ونؤكد لقيادتها أن المسلمين يفتدون رسولهم، صلى الله عليه وسلم، بأرواحهم، ولو كره الصليبيون والمتصهينون. كاتب وإعلامي قطري [email protected]