16 سبتمبر 2025

تسجيل

اليمن مقبرة الأوهام الاستعمارية

27 أغسطس 2019

لا تصل أذرع أبوظبي والرياض إلى بلد عربي أو إسلامي، إلا حملت معها الخراب، والفساد السياسي والمالي، وانهيار منظومة القيم الوطنية، والحروب الأهلية، والانقلابات، لأن قيادتيهما ليس لديهما مشروع حضاري يمكن أن تُبنى عليه الدول، وإنما تؤديان أدواراً في خدمة مشاريع تستهدف الأمة وعقيدتها ووجودها، وتعانيان من عقد نفسية وتاريخية تتعلق بالهوية والوجود والتأثير. ولنقرأ ما يجري في اليمن بعد انقلاب عدن لنحدد ملامح سياساتهما وأهدافهما. 1) خلافٌ على التوقيت: بعد انقلاب عدن، اعتقد كثيرون أن خلافاً كبيراً وقع بين الإمارات والسعودية لأن الرياض ملتزمةٌ بوحدة اليمن ودعم حكومته الشرعية. وهذا غير صحيح، فالبلدان متفقان على انقلاب عدن، لكن أبوظبي نفذته في توقيت أبكر من التوقيت المتفق عليه بينهما، مما أوقع قيادة المملكة في حرجٍ مع المجتمع الدولي، وزاد في استنزافها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وأدى إلى ازدياد نبرة العداء الشعبي العربي ضدها. ولو كانت الرياض ضد الانقلاب لأعلنَ كبار مسؤوليها عن رفضهم له، واعتباره عملاً عدائياً ستتم مواجهته بالقوة، لكنها اكتفت بتوجيه دعوة للحكومة الشرعية والانقلابيين للاجتماع في جدة، وكأنها تساوي بينهما. ومن جهة ثانية، ينبغي أن لا ننسى أن تكوين الميليشيات الانفصالية كان يجري بعلم الرياض ودعمها، وكانت الإمارات تمنع الحكومة الشرعية من التواجد في عدن دون أن تقول الرياض شيئاً، فليس من داعٍ للاعتماد على ما يروجه الذباب الإلكتروني السعودي للإيحاء بوجود موقف سعودي لصالح اليمن وشعبه. 2) الخبث السياسي الظبياني: رغم كل مساوئها وجرائمها في البلاد العربية، فإن قيادة أبوظبي ذكيةٌ جداً في تعاملها مع السعودية. فقد أعلن أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في أبوظبي، أن وجود بلاده في اليمن كان استجابةً لطلب سعودي، وأن السعودية هي الوحيدة التي بيدها أن تطلب استبعادها من التحالف. وهذا أمرٌ يدل على خبثٍ ودهاءٍ، لأنه حمَّل المملكة مسؤولية الجرائم الإماراتية الإنسانية والسياسية في اليمن، بل إنه جعل منها عدواً للشعب اليمني الرافض لتقسيم بلاده. ولو كانت لقيادة الرياض رؤية استراتيجية، فإنها ستعلن بقوة عن دعمها لوحدة اليمن، وستدعو لحل سياسي تحت مظلة حكومته الشرعية. أما استمرارها في ممارسة سياسة الألف وجه، والتصريح عن مواقفها من خلال الذباب الإلكتروني، فإنها ستظل تدفع غالياً من رصيدها السياسي والاقتصادي نتيجة تقوقعها داخل جدران الخبث السياسي الظبياني. 3) العنصرية والاستكبار: لم تكد الحكومة اليمنية الشرعية تعلن عن تحميلها الإمارات مسؤولية الانقلاب في عدن، حتى شنَّ المسؤولون والإعلاميون والمرتزقة والذباب الإلكتروني فيها حروباً عنصريةً مقيتةً ضد الشعب اليمني، ينعتونه بأنه تنكر لتضحيات الإماراتيين وأفضالهم عليه، وأن حكومة هادي هي مجموعة من الانتهازيين واللصوص، وسوى ذلك مما يندى لسماعه جبين كل حر شريف. وكان ذلك سبباً في ازدياد اعتزاز اليمنيين بوطنهم، وتعاظم وحدة صفهم في مواجهة الاحتلال الإماراتي وأذنابه من الانفصاليين الذين هزموا هزيمةً قاسيةً في محافظة شبوة، وباتوا يعدون الأيام للمواجهة التي ستنهي أحلام أبوظبي الاستعمارية في جنوبي اليمن. أما السعودية، فلم يكتفِ إعلاميوها المتصهينون وذبابها الإلكتروني بوصف اليمنيين بالتخلف، بل طالبوا بعزلهم وتركهم يتقاتلون حتى يبيد بعضهم بعضاً، كما أعلن المتصهين السعودي عبد الحكيم الغبين في لقاء مع قناة تلفزيونية صهيونية. وبالطبع، فإن تلك العنصرية وذاك الاستكبار لا يغيران شيئاً في الواقع، فاليمنيون شعب عظيم متحضر مارس التعددية السياسية منذ عقود، ولن يسمح لمشروع استعماري متخلف بالانتصار في بلاده التي ستكون قوةً اقتصاديةً عظيمةً خلال عشرين سنة من الاستقرار حسب الدراسات التي أجرتها منظمات اقتصادية دولية. 4) توسيع دائرة العداء: من المفهوم أن يقوم مرتزقة وذباب أبوظبي والرياض، بمهاجمة قطر وتركيا لأنهما تمثلان مشروعاً حضارياً يقوم على التنمية والتعليم، وهو عكس المشروع الإماراتي السعودي القائم على هدم الدول وتمزيق نسيجها الاجتماعي. لكننا نلاحظ أن الهجوم توسع ليشمل أثيوبيا، كما جاء في تغريدة للمرتزق فهد الشليمي، وكأنه ينقل إلى العالم شعور البلدين بالمرارة من إفشال أثيوبيا لمشروعهما المتخلف في السودان. ولذلك، ينبغي على الأثيوبيين الاستعداد لمواجهة مؤامراتهما المستقبلية على بلادهم. [email protected]