14 سبتمبر 2025
تسجيل"زرع.. كتب.. حصد.. قتل/ الدرس انتهى". قبل قرابة نصف قرن كتب صلاح جاهين في رثاء أبناء قرية بحر البقر، فطائرات العدوّ الآمنة من مطاردة الدفاعات الجوية، صارت تتمرّن بالأطفال. *** "كان في وسعِ صيَّاده أن يُفكِّر بالأمر/ ثانيةً، ويقولَ: سـأتركُهُ ريثما يتهجَّى... فلسطينهُ دون ما خطأ / سوف أتركُهُ الآن رَهْنَ ضميري/ وأقتلُه، في غدٍ، عندما يتمرَّد". كان الدرويش في الانتفاضة الثانية قيد مرحلة شعرية تالية تستغرق رؤية الجلاد والضحية في ثنائيات عميقة كخطاب الهندي الأحمر، ليسقطها على واقع منتفض على الظلم المزمن، وكان محمد الدرّة أيقونة الشهداء الأطفال في ربع القرن الأخير على الأقل، ظلّ يبحث عن النجاة وهو يحتمي بأبيه، ولكنّ القناص وبدم بارد أجاد التسديد وقطف روح الصبيّ، وشهدت حالة الدرة جيشاناً للشعرية العربية، أنتجت ديواناً خاصاً عن مؤسسة جائزة البابطين. *** تتعثر الطفولة بالحرب، ثمة وردة تكتب الحرب، وثمة قانون (دولي) لا أدري إن كان طبّق في مكان: "حسب المبادئ الدولية للقانون الإنساني الدولي المتعارف عليها، تجب حماية السكان المدنيين من المخاطر التي تنشأ بسبب وجود عمليات عسكرية، ويجب على وجه الخصوص ألا يصبحوا هدفاً لأي هجوم. ويُعرف المدنيون بأنهم الأفراد الذين لا يشتركون في أي أعمال مسلحة، ومنذ زمن بعيد يعود إلى سنة 1863 نص قانون ليبر Lieber Code في المادة 18 على الحاجة إلى حماية خاصة لغير المتحاربين، خاصة الأطفال والنساء". *** في المشهد السوري ثمة ألف محمد الدرّة لوّنوا المشهد، ثمة ألف (غافروش) شقيّ غادروا بؤساء فيكتور هيغو، وحطموا إيقاع حياتنا البليد، وفي المشهد ثمة ملائكة يغادرون يومياً إلى السماء، ثمة ملائكة قدّموا عنا امتحان الكيمياء الصعب دون مساعدة صديق أو تغشيش مراقبين، فهم لم يحضروا بعد. ربما سيزورون القاعة بعد الاختبارات. بين الغوطتين لحق الطلاب سليمانـ (هم) العيسى، لأن الأناشيد لم تعد تليق بالطفولة، فالعم منصور ترك دكّان النجارة وصار قنّاصاً، والغيمة ذات الأهداب الشقراء تركت الخريف وسكنت كلّ الفصول، والطيار الذي كان يتحدى المستحيل فوق مهرته يقصف أهله. بين الغوطتين كما في درعا وحمص وحماة ودمشق وحلب ثمة طفولة منذورة لأهداف الطيران الرشيقة، أو سواطير العابرين، أو جرعات الكيماوي الناجعة