15 سبتمبر 2025
تسجيلبرحيله، فقدت الساحة الثقافية والفنية في قطر احد ابرز روادها وصناع حداثتها، المؤرخ، الأديب، الكاتب، الفنان، الموسيقار، المؤلف، الملحن. رحل عبدالعزيز ناصر بجسده وبقيت روحه العطرة تسكن ذاكرة وأفئدة الأجيال التي عاشت تستمع إلى إبداعاته ولوحاته ونقوشه الفنية، التي جسدها بالكلمة والنغمة، تستدعي همسات وخلجات الماضي، وتتفاعل مع اشكاليات وتداعيات الحاضر، وترسم أمنيات وأشواق المستقبل. لقد كان الفقيد في مهمة قام بتأديتها على أكمل وجه لقد عمل بصمت وأبدع بانجاز ورحل بهدوء وسلام. انها شهادة للتاريخ وللأجيال القادمة، لقد كانت أعمال الراحل عبدالعزيز ناصر، أشبه بمشروع توثيقي شامل على مدى أكثر من 50 عاما للإرث الجماعي، تؤرخ لحقب متعددة وتتماها وتحكي عن سياقات مختلفة ومغايرة وأزمنة وأمكنة متباينة ومتعددة، لحقبة الغوص وعذاباته وأهواله الصعبة، لترديد الترانيم فوق رمل البحر الحارقة للعائدين من الأسفار الطويلة في سفنهم شبه المحطمة، لاهازيج وشجون الفرجان المتناثرة في القرى القديمة الممتدة على ضفاف الخليج من الكويت إلى البحرين، وقطر، والإمارات وصولا إلى ساحل عمان، إلى صراع الجغرافيا والزمن والهوية والتراث، للأصالة والمعاصرة، للذاكرة التاريخية المنسية، للنزاعات السياسية الإقليمية، للقضية العربية والإسلامية الأولى، للنكسة والهزيمة للمشروع القومي، للعواصم العربية والإسلامية الحزينة، لازمة الإنسان العربي التائه، للحاضر المتردي، وللغد الضبابي الغامض. تمثلت إبداعاته في "أحبك يا قدس" ، "عربية يا قدس"، و"يا قدس يا حبيبتي" ، "مرحبا يا عراق" ، "آه يا بيروت" ، "عرس الشهيد" ، "ملهمة القلوب"، "محمد يا رسول الله"، "الله يا عمري قطر"، "النشيد الوطني"، "ولهان ومسير"، "أم الحنايا"، "العايدو"، "القرنقعوه"، إلى البوم السياسي "قمعستان" وغيرها.لقد فقدنا رمز وقامة وطنية لا تعوض ولن تتكرر، شخصية رائعة وفريدة من نوعها ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال. إن تكريمه واجب، والعناية بإرثه فرض عين، وكم نتمنى أن يتحول بيته ومجلسه الذي كان ملتقي للجميع المثقفين والفنانين والأدباء والكتاب والنقاد إلى متحف يشمل جميع أعماله وإبداعاته وأدواته، وعزاؤنا في المبدعين الآخرين أن يكملوا المسيرة التي سطرها الراحل في تاريخ الوطن ولا تتعطل مع رحيله! إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك ياعبدالعزيز ناصر لمحزونون، إنا لله وإنا إليه راجعون.