12 سبتمبر 2025
تسجيلذكرنا في المقال الفائت أحوال بعض المؤمنين في استقبال هذا الشهر العظيم، وقلنا انهم جمهور الأمة العريض والحمد لله، لكن على النقيض من ذلك هناك من المسلمين من انغمس في الملذات، بل ان بعضهم ينشط أكثر والعياذ بالله في مثل هذا الشهر الفضيل، إنهم يستثقلون الشهر، ويستعظمون مشقته، فإذا نزل بهم فهو عليهم كالضيف الثقيل، يعدون ساعاته وأيامه ولياليه، منتظرين رحيله بفارغ الصبر، يفرحون بكل يوم يمضي منه، حتى إذا قرب العيد فرحوا بدنو خروج هذا الشهر، لأنهم اعتادوا على التوسع في الملذات والشهوات: من المآكل، والمشارب، والمناكح، وغيرها، فضلاً عن مقارفتهم للمتع المحرمة، فوجدوا في هذا الشهر مانعًا وقيدًا يحبسهم عن شهواتهم، ويحول بينهم وبين ملاذّهم؛ فاستثقلوه. أو هم قوم عظم تقصيرهم في الطاعات، حتى إن منهم من قد يفرط في الفرائض والواجبات، فإذا جاء هذا الشهر التزموا ببعض الطاعات، فترى بعض المفرطين المقصرين، يترددون في هذا الشهر على المساجد، ويشهدون الجمع والجماعات، ويواظبون على الصيام والصلاة كل يوم؛ فبسبب هذا الالتزام الذي لم يألفوه ولم يتـوطنوا عليه؛ اسـتعظموا حِمْلَ هذا الشهر. على إن من أكثر المصائب انغماس بعض الناس في شرب ما حرم الله من الخمر والمخدرات بأنواعها وكذا السجائر، والخمر أم الخبائث كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم، وإن شربها في الدنيا يكون سببًا في حرمانهم من شرب ما حرم يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، إلا أن يتوب". وإنما يحرم من شربها يوم القيامة وإن دخل الجنة؛ عقابًا له على تمتعه بخمر الدنيا، وهي محرمة عليه، وفي حديث آخر: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة". لكم ضيعت هذه الآفة المهلكة فئاما من الناس ضل سعيهم في الحياة وهم يعلمون أنهم يسيئون صنعا، بل بلغ الحال ببعض سفهائهم أن يدعوا على رمضان كما ذكر ابن رجب وغيره، أن غلامًا سفيهًا، لما أقبل عليه رمضان ضاق به ذرعًا، وأخذ ينشد: دعاني شهر الصوم لا كان من شهر ولا صمت شهرًا بعده آخـر الدهـر فلــو كـان يعديني الأنـام بقـوة على الشهر لاستعديت قومي على الشهر ومن ذلك ما يتماجن به بعض الشعراء كقول أحدهم عن الخمر: رمضـان ولّـى هاتـها يـا ساقي رمضـان ولّـى هاتـها يـا ساقي نسأل الله أن يجنبنا طرق الغواية وأن يهدي المسلمين إلى الطريق القويم.