23 سبتمبر 2025

تسجيل

معرض كتاب ناقص!

27 يونيو 2023

معرض الدوحة الدولي للكتاب متعنا في الأسبوع الماضي، كان أكبر وأفضل من كل عام! في كل زاوية تلتفت إليها، تجد ندوة بحثية أو شاعرا يلقي شعراً او شيفا يطبخ، هذا كله بجانب الكتب والكُتاب والمقاهي المبعثرة هنا وهناك، نظراً لأن القراءة لطالما ارتبطت بشرب القهوة والشاي! ولكن رغم كل هذه الأجواء الرائعة، كان هناك شيء ناقص. المعرض كان ينقصه الكتب والكُتاب والقراء!. ‏ سأشرح لكم ما أقصده، كان هناك أكثر من مشهد لفت نظري في المعرض، الأول كان لطابور طويل يقف فيه شباب وشابات ينتظرون فيه توقيع مشهور في اليوتيوب على كتابه. ‏سأقول لكم الصراحة لم يكن ليزعجني هذا المنظر كثيراً لو أنني لم أر المنظر الثاني، والذي كان للروائي الكبير واسيني الأعرج الذي كان يقف مبتسماً وهو يوقع رواياته لثلاثة من القراء الذين كان من بينهم أنا! ومن ثم يمشي بين الناس في المعرض دون أن يعرفه أو يتجمهر عليه أحد!. ‏قد يظن البعض أن هذه المقارنة غير عادلة، وهي بالفعل كذلك، فكيف يمكن أن تكون المقارنة عادلة بين يوتيوبر وكاتب في معرض كتاب! ونحن لا نتكلم هنا عن كاتب مبتدئ، بل عن واسيني الأعرج، وهو كاتب حائز على العديد من الجوائز وله العديد من الروايات القيمة. وهنا يحق لنا نسأل: أين القارئ؟ هل اختفى وحل مكانه متابعو يوتيوب وتك توك وانستجرام وتويتر؟ هل أصبح «القارئ» من يقرأ لمؤلفين يجمعون تغريداتهم في كتاب ومن ثم ينشرونه؟ هل يقع اللوم على الكاتب الذي فقد اهتمام القارئ أم على القارئ الذي لا يشد انتباهه جملة أطول من سطرين؟. ‏هناك أسباب كثيرة للعزوف عن القراءة أو قراءة ما هو سهل وقصير وبسيط فقط، ولكنني سأتكلم عن أحد أهم الأسباب، ألا وهو فقدان التركيز. يقول الكاتب جوهان هاري في كتابه (التركيز المسروق)، بأن الكثير من الناس الآن لا يستطيعون إنهاء قراءة كتاب واحد، حيث إن «فعل» قراءة الكتاب هو من أكثر الأفعال التي تتطلب تركيزا، ونحن اليوم نفتقد التركيز بسبب كثرة المعلومات اليومية التي تردنا بالإضافة إلى تصديقنا لكذبة (multitasking) وهو أننا نستطيع أن نقوم بأكثر من عمل واحد في الوقت نفسه! وقد أدمنا، علاوة إلى ذلك، العوامل الخارجية التي تحيط بنا مثل التليفونات والسوشيال ميديا والألعاب الرقمية! وهذا يجعلنا غير قادرين على التركيز، فكيف لنا أن نقرأ كتابا أو أن نبحر فيه بعيداً عن اللذة السهلة المتمثلة في الاستلقاء ومشاهدة اليوتيوب أو نتفلكس أو لعب لعبة، لا تتطلب تعمقاً أو سكوناً على السوني أو الاكس بوكس!. ‏أتمنى أن نعترف بالمشكلة التي تواجهنا حيال القراءة اليوم، لئلا نقيم كل عام معرض كتاب جميلا ومزدحما ومليئا بالفعاليات والأحداث، وينقصه فقط، الكُتب والكُتاب والقراءة!.