11 سبتمبر 2025

تسجيل

مع القصص القرآني (10)

27 يونيو 2015

لا يزال الحديث موصولا عن الأغراض الرئيسة التي لأجلها اعتنى القرآن بالقصة، وقد ذكرنا ستة أغراض وراء ذلك واليوم نكمل إن شاء بقية الأغراض:7- من الأغراض التي لأجلها اعتنى القرآن بالقصة هو تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيت فؤاده وتقوية عزيمته رغم ما يلاقي من أذى واضطهاد، فما يقال له إلا ما قد قيل للرسل من قبله، وإن يكذبوه فقد كذبت رسل من قبله فصبروا على ما كذبوا. قال تعالي: (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ). وقال تعالي: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ). وفي هذا أيضا تثبيت – كذلك – للمؤمنين. وغرس الثقة في نفوسهم وتسليتهم عما أصابهم، بما آلت إليه حال المؤمنين السابقين وحال الكافرين.إعلام النبي صلي الله عليه وسلم وإعلام المسلمين بأحوال الأنبياء والأمم السابقين لتكون لديهم الحجة لمعارضة أهل الكتاب في تحديهم وتعنتهم كما قال تعالي: (قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) وقد تؤدي هذه المحاجة إلى إيمان بعض الناس. وكذلك دفع تعنتهم في أسئلتهم التي كانوا يريدون بها تعجيز النبي صلى الله عليه وسلم.7- ومن بين الأغراض كذلك: إظهار قيومية الله على خلقه، في القصة القرآنية دلالة على قدرة الخالق، من حيث الإعطاء والمنع والإنجاء والإهلاك وخلق خوارق العادات كخلق آدم وقصة مولد عيسي عليه السلام وقصة إبراهيم والطير وعصا موسى ويده التي يدخلها في جيبه ثم يخرجها فإذا هي بيضاء للناظرين من غير مرض، وإبراء عيسى للأكمه والأبرص، وإحياؤه الموتى بإذن الله وإخراجه من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكذلك ناقة صالح التي جعلها الله له آية، وإماتة الله رجلا مائة عام ثم بعثه... إلى غير ذلك من الخوارق التي تدل على قدرة قادرة، وتدبير إلهي حكيم.8- العظة والعبرة لكل من الفريقين – المؤمنين والكافرين – فقد اشتملت القصة القرآنية على كثير من العظات والعبر التي تؤثر في النفوس وتدفع الكافرين إلى الإيمان لئلا يصيبهم ما أصاب الأمم من قبلهم أو يحل بهم من العذاب العاجل مثل ما حل بقوم هود أو قوم صالح أو قوم لوط. وتدفع المؤمنين لزيادة التمسك بدينهم،. والتفاني في نشر تعاليمه، وتحمل الأذي في سبيله، لينالوا من النعيم ما أعد لهم ولأمثالهم السابقين، قال تعالي: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ).9- بيان عاقبة التقوى والصلاح. وعاقبة الشر والفساد كقصة ابني آدم وقصة صاحب الجنتين. وقصص بني إسرائيل بعد عصيانهم. وقصة سد مأرب. وقصة أصحاب الأخدود... إلى غير ذلك من القصص. بيان نعمة الله على أنبيائه وأصفيائه كقصص سليمان وداود وأيوب وإبراهيم ومريم وعيسي وزكريا ويونس وموسي فكانت ترد حلقات من قصص هؤلاء الأنبياء تبرز فيها النعمة في مواقف شتي ويكون إبرازها هو الغرض الأول، وما سواه يأتي في هذا الموضوع عرضا.