11 سبتمبر 2025

تسجيل

غربة إجبارية

27 أبريل 2023

تتنوع أسباب اغتراب الأشخاص من بلدانهم لأمورٍ عدة، وأغلبها تكون تلك الغربة اختيارية وبالوقت ذاته تكون العودة للوطن خياراً مفتوحاً في غالبية المغتربين. وهنا نتداول أصعب أنواع الغربة وهي غربة العلاج في الخارج وهي أمرٌ مختلف تماماً عن اتساع الأفق الذي يشعر به المسافر للسياحة فالعلاج بالخارج يجعل المريض في ضيقٍ مرير على الرغم من وجود السعة الدنيوية، ولكن المريض يعيش تلك الغربة في ضيقٍ داخلي لا يشعر به من حوله. فكم من مريضٍ غادر وطنه أملاً في العودة ولم يُعد إلى الوطن إلا ليُدفن في أرضها. إن المرافق للمريض على تحركاته الحيوية اليومية ورؤية في تسوق أو في برهة وجدها لنفسه ليتناول بعض الطعام لا يعني أن النفس فرحة في تنزهها في الخارج، بل هو جسد بلا روح وقد تكون ابتسامة من غير حياة، فلا يُحسد مرافق ولا يُحسد مريض أجبره مرضه على مغادرة ما يُحب. أبعد عن تلك الأماني! قد يتمنى الكثير الحصول على فرصة العلاج بالخارج فهي للبعض مجرد «منحة» يفوز بها، ناسياً مُتناسياً أنه حاصل على أكبر قدر من السعادة التي لم يعلم أنه حاصلٌ عليها وهي نعمة الصحة، فهذه النعمة العظيمة هي واحدة من أكبر النعم التي من الله عز وجل رزقنا إياها، فهي مصدر كل سعادة، فمن دونها يفقد المرء كل ما هو يعد من ملذات الدنيا الفانية. فلا تتمنى ولا تحسد شخصاً رأيته يُقيم في الخارج للعلاج، فأكاد أجزم أنك لو كنت مكانهم لدفعت كل ما تملك فقط لتعود صحتك إليك. نسأل الله تعالى الشفاء لكل مريض وأن يعود مشافى معافى إلى أرض الوطن وإلى تلك الطرق والحواري التي عاش فيها والتي تحمل ذكريات طفولته وشبابه، وألا يكون هو ذكرى نتذكرها عند رؤيتنا للأماكن التي كان يجلس فيها.