17 سبتمبر 2025
تسجيلتحدثتُ مسبقاً في مقال «بدل السكن» بجريدة الشرق في شأن المُتقاعد في استقطاع عدة علاوات، ومن ضمنها علاوة بدل السكن، وذلك بتاريخ 25-8-2020 وأثر إزاحة هذه العلاوة على المُتقاعد، وأوضحنا أن علاوة بدل السكن هيّ علاوة أساسية حكمها كحكم الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية فهيّ لا تسقط بمغادرة الوظيفة، حيث إن السكن من أساسيات الحياة، كالعلاوة الزوجية فهُما لا ينقطعان بانقطاع الوظيفة. خدمات الهيئة وخلال تصفحي لموقع الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات، وجدت أن هُناك بيانات لا بأس بها من حيث الخصومات التي حُددت للمتقاعد في عدة جهات في الدولة، وبالتدقيق نجد أن تلك الخصومات رغم جدواها، وقد تضاهي نوعاً ما الخصومات التي يتحصل عليها كثير من موظفي الدولة من قبل جهات عملهم الحالية إلا أنها تُعتبر خصومات ضعيفة، فوضع المُتقاعد ليس كوضع راتب الموظف المتواجد على رأس عمله، فالمتقاعد يحصل على راتب محدود منقطع العلاوات وخصم من الراتب الإجمالي بعد تحوله إلى التقاعد بنسبة قد تصل إلى 45٪، وهذا خلل واضح في الاستقطاع. ويُبين الموقع الإلكتروني للهيئة الاستثمارات الضخمة لصندوقها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إن استثمارات الهيئة في عام 2018 بـ 86 مليار ريال قطري، وارتفعت في عام 2019 لتصل إلى 101.7 مليار قطري، وتقع أغلب تلك الاستثمارات في مجال الأسهم والعقارات والبنوك وصناديق استثمارية وفق البيانات المُعلنة في موقع الهيئة، إذاً الصندوق الاستثماري يحتوي على ميزانية عالية، فالسؤال أين تلك الاستثمارات من المُتقاعد؟. دور الهيئة دور الهيئة لا يقع فقط في صرف معاشات المُتقاعدين وحساب الراتب التقاعدي والبحث عن خصومات، إن البرامج الإلكترونية تستطيع الآن أن تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه وبيُسر بعد أن تتم تغذيتها بالقوانين الخاصة بالتقاعد وموظف واحد فقط يستطيع عمل الاتفاقيات مع جهات عدة للخصومات. هُناك الكثير من المُتقاعدين يستلمون راتباً تقاعدياً يقل عن 10 و20 ألف ريال، وبالأخص للموظفين الذين أُحيلوا للتقاعد المُبكر أو تقاعدوا قبل زيادة الرواتب، التي حصلت في سنة 2011، فهذا الراتب لا يكفي حتى مُتطلبات أُسرة صغيرة.إذاً إن هيئة التقاعد ومسؤوليها دورهم يقع في السعي إلى كل ما يفيد المُتقاعد ويُحسن من حياته وأن يكون دور الهيئة دوراً تطويرياً في الأفكار والطروحات. فمع الازدياد المُستمر في الأسعار يجب على المعنيين عمل دراسة لتحسين وضع المُتقاعد، وتقديم المُبادرات الفعالة كوضع حد أدنى للراتب التقاعدي وإعادة علاوة بدل السكن وإضافة علاوات كعلاوة بدل غلاء معيشة، وعلاوة أبناء. النظر في إعادة صرف مكافأة نهاية الخدمة المفقودة من حقوق الموظف لأول عشرين سنة من خدمته والتي لا تُحتسب له حالياً من سنوات الخدمة وإن غادر الموظف القطري الوظيفة بعد عشرين عاماً من العمل فليست له مكافأة نهاية خدمة!، في حين أن الموظف غير القطري له استحقاق صرف نهاية خدمة منذ بداية عمله وبحد أقصى عشر سنوات، فإن عمل الموظف غير القطري تسع سنوات ورغب في المغادرة فإنه يستحق صرف نهاية خدمة له عن كُل تلك السنوات!. صرف بطاقة التأمين الصحي من أساسيات عمل الهيئة في توفيرها للمُتقاعد وعائلته وعدم ترك راتبه يُستنزف من قبل العيادات الخاصة هذا إن صمد ذلك الراتب أمام المصاريف الطبية الباهظة، فهل يُعقل أن موظفي القطاع الخاص حديثي التعيين يحصلون على امتياز التأمين الصحي فيحين لا يجد المُتقاعد ذلك الامتياز على الرغم من خدمته لوطنه ومؤسساتها طيلة حياته العملية إلى عمر التقاعد. ومن البديهي أن نرى انعكاس تلك الاستثمارات الرقمية التي تستثمرها الهيئة على أرض الواقع، وأن يستفيد منها المُتقاعد وأن تلعب تلك الاستثمارات في دعم منشآت الدولة بطرق كثيرة منها: إنشاء نادٍ صحي مجاني للمُتقاعدين، يجعلهم في حركة دائمة ويساعد في تقليل نسبة الأمراض المُصاحبة للمتقاعد.إنشاء مشفى للمتقاعدين، وإن كان محدود الخدمات لعمل الفحوصات الدورية وعلاج الحالات البسيطة وتجنب المُتقاعد للانتظار في ازدحام جدول المواعيد في المستشفيات، كما يعمل ذلك على تقليل الضغط على مستشفيات الدولة. إنشاء مكتب تطويري يقع دوره في التنسيق مع وزارات الدولة المُختلفة لاستثمار خبرات المُتقاعدين ومشاركتهم تلك الخبرات وتطويعها في خدمة وزارات الدولة بدلاً من استقطاب خبراء من خارج الدولة يستنزفون خزينة الدولة من تكاليف الإقامة وتذاكر سفر وقدوم العائلة وحقوق شهرية مرتفعة، وفي كثير من الأحيان يُكتشف أن ذلك الخبير عديم الفائدة والجدوى لمؤسسته. فكل ما ذُكر يُعتبر استثماراً ناجحاً ومُجدياً. أخيراً المُتقاعد هو جزء رئيسي في منظومة الدولة، وهو جزء رئيسي فيما وصلت إليه أجهزة الدولة المُختلفة وإن في إهماله أثراً سلبياً على موظفي الدولة الحاليين، والذين سينظرون نظرة سلبية مُستقبلية لحياتهم التقاعدية، وهذا ما سيعمل دون شك على قِلة العطاء والإنجاز والمبادرة ووضع أغلب تركيزهم على كيفية تأمينهم لحياتهم التقاعدية. bosuodaa@