15 سبتمبر 2025
تسجيل{{«فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ... وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ... فَكُّ رَقَبَةٍ... أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ... يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ... أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ... ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ... أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ»}} (سورة البلد 11 ـ 18)، كلنا يقرأ هذه السورة كثيرا ولكن لم يخطر بباله المعنى الحقيقي للعقبة وما هي العقبة، ولماذا وصفها المولى سبحانه وتعالى بالعقبة ولم يصفها بالأعمال الصالحات، واكتشفت انا هذا المعنى الكبير عندما قرأت مقالا رائعاً للدكتور توفيق حميد الذي قام بترجمته الى اللغة الإنجليزية واطلع عليه بعض الأجانب من غير المسلمين وادركوا من خلاله بأن الإسلام منظومة حضارية وإنسانية رفيعة تستحق التفكير والبحث في رسالته السامية. *القرآن لم يعط ضماناً على الإطلاق بدخول الجنة* يسارع بل ويهرع كثيرون في العالم الإسلامي إلى أداء الفروض الدينية، مثل الصلاة خمس مرات يومياً، وصوم شهر رمضان، والسفر لأداء العمرة أو الحج، ولكن يبدو أن من يفعلون ذلك يتصورون أن أداء مثل هذه العبادات هو أكبر ضامن لهم لدخول الجنة، والحقيقة الغريبة هي أن القرآن لم يعط ضماناً على الإطلاق بدخول الجنة!، بل أعطى أولوية أيضاً لأمور أخرى غفل عنها الكثيرون، وأوضحت الآيات الكريمات من سورة البلد بأن هناك عقبات او عوائق تقف بين الانسان وبين دخوله الجنة وتصف الاية الكريمة كيفية اجتياز هذا الموانع. *كيف نجتاز العقبة* ثم أوضحت الايات الكريمات بالأعمال التي يتخطى بها الانسان عقبة دخوله الجنة، وفي أولها (فك رقبة)، وقد يتساءل البعض كيف يتم تحرير عبد من العبودية او الرق وكيف نفك الرقاب وليس هناك عبيد في زماننا هذا، ويأتي التأويل بأن الانسان في زماننا الحالي قد يكون عبدا للفقر والجوع أو الظلم والهوان وأن إنقاذه من هذه العبودية هو افضل فك لرقابهم من ذل العبودية. والعقبة الثانية تتمثل في إطعام في يوم ذي مسغبة أو يوم ذي هول شديد يتيما ذا مقربة، والقرب قد يكون في قرابة الدم او قرب المكان، وقد يكون اطعام مسكين في قمة ضعفه وقلة حيلته حتى انه عجز عن إزالة التراب عن جلده فاكتسى بصورة البؤس والهوان كما وصفته الآية الكريم (ذا متربة). ثم تصف الآية الكريمة بعد ذلك كيفية اقتحام العبقة الأخيرة لدخول الجنة فكان ذلك بالتحلي بالصبر وبأن يكون الانسان في قلبه رحمة (وتواصو بالمرحمة)، وهذه الرحمة تنشر السلام والأمن بين البشر بألا تجعل انسانا يعتدي على آخرين ولا يظلم زوجته ولا تسمح له هذه الرحمة ان يأكل حق غيره في الميراث ولا تعطيه مجالا أن يتعصب ضد جاره لأنه مختلف عنه في العقيدة أو الرأي، بل إن الرحمة تدعو الى العدل والإنسانية ومد يد العون بلا تردد لكل محتاج. فيا ترى من منا قد اقتحم العقبة؟ *كسرة أخيرة* الإسلام ينادي بنصرة الضعفاء والمظلومين وبالتعاون والتعاضد وإن الأمة التي لا تنتصر للضعفاء ولا يؤخذ فيها على أيدي الظالمين لهي أمة غير جديرة بنصرة الله، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لما رَجَعَت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا تُحَدِّثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟». قال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينا نحن جلوس مرَّت بنا عجوز من عجائز رهابينهم، تحمل على رأسها قُلَّة من ماء، فمرَّت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثمَّ دفعها، فخرَّت على ركبتيها، فانكسرت قلَّتها، فلمَّا ارتفعت، التفتت إليه، فقالت: سوف تعلم -يا غُدر- إذا وضع الله الكرسيَّ، وجمع الأولين والآخرين، وتكلَّمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدًا، قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَت صَدَقَت، كيف يقدِّس الله أمَّة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟». قال السِّندي: (يقدِّس الله) أي: يُطَهِّرهم من الدَّنس والآثام. والآن أهل غزة يستغيثون الأمة لنصرتهم والمؤمنون منا لا يقوون على نصرتهم والأمة الإسلامية والعربية تقف مكتوفة الايدي لتقديم العون لاخوانهم المسلمين وتنتظر قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن لنؤيدها او نشيد بها، ونسأل الله العلي القدير ان يعيد الى أمتنا عزها ومجدها حتى تستطيع أن يكون لها الكلمة بين الأمم وتستطيع ان تنصر المسلمين في كل مكان.