11 سبتمبر 2025
تسجيلآية تستوقفك لتهزك من داخلك هزا، تستنطق إيمانك مقرونة بأفعالك، ترشدك إلى البحث عن الجواب قبل أن تتجاوز الآية إلى ما بعدها! والآن السؤال: ما ظنك بربك وقد انتصف شهرك؟ إن من أجلّ العبادات القلبية مكانة عند الله: حسن الظن فيه خاصة في هذه الأيام الفاضلة، لذا لا نعجب أن تواردت الآثار عن السلف مبينة وشارحة ومحرضة على حسن الظن به - سعيد بن جبير يقول في دعائه «اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك». - عبد الله بن مسعود يقول «والذي لا إله غيره ما أُعطي عبد مؤمن شيئاً خير من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه؛ ذلك بأن الخير في يده». - وسفيان الثوري رحمه الله يقول: «ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي؛ فربي خير لي من والدي». - وعمار بن يوسف يقول: رأيت حسن بن صالح في منامي فقلت: قد كنت متمنياً للقائك؛ فماذا عندك فتخبرنا به؟ فقال: أبشر! فلم أرَ مثل حسن الظن بالله عز وجل شيئاً. وقد تسأل عن العلة في ذلك؟ يجيبك الوحيان بأن حسن الظن يخرق الله به نواميس الكون متى ما كان العبد صادقا مضطرا منكسرا! دونك قصة أصحاب الكهف، وقد خرجوا فارين بدينهم من الموت ليجدوا أنفسهم أمام موت آخر؛ كهف مظلم شديد الظلمة ومصير فيه مجهول! هكذا يقول المنطق فماذا قالوا هم (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا) هكذا دفعهم حسن ظنهم بالله، بأن ينشرالله رحمته في الكهف ليستحيل ظلامه نورا، وخوفه أمنا. وقد كان؛ أوقف الله لهم نواميس الكون. فالكهف الوعر صار رحمةً ونورًا وسكينة، والشمس صارت تبتعد عن كهفهم وقت الشروق والغروب لئلا تؤذيهم بحرِّها، وضرب على آذانهم لئلا يستمعوا إلى شيء يوقظهم من نومتهم، وحفظ لهم أبدانهم كل هذه المدة دون قرحٍ أو أذى! وجعل الكلب يجلس في مقدمة الكهف ليُرهب مَن يقترب منهم، حدث كل هذا لثلاثة قرون، جوابا على حسن ظنهم بالله تعالى! - نبينا في الهجرة قال لصاحبه وقد اقتربت قريش من الغار ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؛ فكان الجواب المباشر (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى). - هاجر كانت وحدها في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، قالت لإبراهيم (اذهب فلن يضيعنا الله!) فما كان جزاؤها؟ بئرًا مباركة يشرب منها الناس إلى يوم القيامة كرامةً لها. الله عند حسن ظن عبده به كما قال - صلى الله عليه وسلم - فأحسن في الله الظن وأقرن ذلك بالعمل، ولا تبك على ما فات، فما بقي أعظم مما مضى. إن كان شطرٌ قد ذهب يا قوم فالباقي (ذهبْ) بل إنَّه أغلى ففيه أعزُّ ما ربي وهبْ القدرُ والعشر الأخيــرة والجوائز والرُّتبْ وقوافل العُتَقاء في مسك الختام المحتسَبْ يا رب هبنا منك أفضل ما يُنال ويُكتسبْ العتق والرضوان والتــقوى وتفريج الكُرب