11 سبتمبر 2025

تسجيل

البكاء على الأطلال

27 مارس 2012

قد يكون لكل واحد منا أطلال قد بكى عليها أو في طريقة إلى ذلك، حبيباً كان أو وطناً أو ذكريات جميلة لن تعود.. فلطالما اتُّهم العرب بالبكاء على الأطلال في مناسبة أو غير مناسبة.. لا بد أن يسترجعوا ماضيهم الذي رحل دون رجعة، وأمجادهم التي قد تكون صحيحة أو أكثرها مبالغات دون النظر إلى المستقبل.. فمازال العرب يبرحون في مكانهم بل رجعوا إلى الخلف وفاقوا جاهليتهم الأولى، من نواحي الظلم والإجرام، فهم ليسوا كأسلافهم.. فأين هُم من عمر بن عبدالعزيز الذي في عهده بسَط العدل حتى لم يجدوا من يأخذ الزكاة، أو المعتصم بالله الذي ـ إذا كانت قصته حقيقية ـ فلقد حَرك الجيوش لنُصرة المرأة التي انتخت به، بينما بعض الزعماء الحاليين بعيدون كلياً عن النخوة، فقد أرسلوا من يعذب ويقتل ويغتصب النساء؟؟!! كذلك مازال البعض منهم يعيش ويعتقد في معتقداته البالية، وينسبها للتراث الذي باسمه امتلأت الجيوب، فهم لم يَرثوا أو يورِثوا إلا الخلافات جيلاً بعد جيل، حتى على مستوى الهوايات لو تأملت فيها لا تجد فيها لا متعة ولا فائدة تذكر.. مضيعة للوقت والمال.. والحسنة الوحيدة فيها أنها مجال استرزاق وَجد البعض فيه ضالته وأصبح تجارة رائجة وساعد على ذلك كثرة المال؟؟ كما من خصائص العرب وخاصة في الحاضر أنهم يمجدون بعض الشخصيات المعاصرة أو غير المعاصرة، وخاصة من يُعلَّق على بدلهم العسكرية كمٌ هائل من الأوسمة التي اكتسبوها من بطولات وهمية، ومعارك رسوم كرتونية، ويذكرون محاسنه ومناقبه وأنه فعل وفعل.. حتى ولو بَددَ ثروات البلاد والعباد في أمور غير ذات طائل، ويُذكر اسمه في كل مجال، وهو ميت منذ سنين بل قد يفوق ذكره ذكر الأنبياء والرسل الذين أرسلهم رب العالمين لكي يضبطوا سلوك بني البشر في الدنيا والآخرة، والذي خرج هذه الأيام عن جادة الصواب فتجد معتوهين يديرون ثروات كبيرة؟؟!!!!! بينما لا نسمع ذلك في الغرب الذي فيه الكثير من الشخصيات التي قدمت للبشرية الكثير في النواحي الكثيرة، ولا سيَّما في مجال الاختراع في الطب ومختلف العلوم التي خففت من آلام ومعاناة الكثيرين، حتى ولو قال البعض: هم من صنع مختلف أدوات البطش والخراب والدمار والاحتلال، واغتصبوا حقوق الآخرين، وافتعلوا الأزمات المختلفة، لتسويقها على حساب آهات وأوجاع ومعاناة بني البشر؟؟ فهل العرب بعد هذه الثورات، واسترجاع الثروات، وسقوط الطُغاة مُعطِّلي الطاقات، سارقي الأحلام الجميلة، وهل الجيل القادم سوف يبكي على أطلال الثورات العربية، كما بكى المصريون طويلاً على أطلال حرب أكتوبر؟ فنحن جماعة حِنّا وحِنّا، وكان وكُنا؟؟!! أم تبقى هذه الأطلال عبارة عن كوابيس وأحلام مزعجة، والأفضل ألا نتذكرها بالمرة.. وآخر الكلام كثيراً ما نسمع العرب يتكلمون عن علمائهم، وعن جامعاتهم في القيروان والزيتونة وعن نبوغهم في مختلف العلوم، ولكن الغربيين هم من استفاد من هذه العلوم، التي في الأصل تعود للعرب والمسلمين!! والعرب المعاصرون في آخر الرَّكب.. ولا ننسى جامعة أكسفورد وكمبردج، فقد كانتا تتعاملان مع الجامعات الإسلامية يوم أن كان المسلمون مؤثرين، ولهم وزن في المحافل الدولية، ويُنظَر لهم بتقدير بعكس اليوم، إذ يعيش المسلمون الانكسار في أغلب المجالات.. ساعد على ذلك وجود زعماء لم يورثوا للشعوب سوى الجهل والتغيّب والإذلال في أبشع صورة، فهم كما وصفهم الرسول الكريم كغُثاء السيل.. وكما قال الشاعر: أين قرطبةٌ دار العلوم فكم / من عالم قد سما فيها له شانُ وقال بيتاً ينطبق على ما يحدث هذه الأيام: لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ / إن كان في القلب إسلام وإيمانُ. [email protected]