02 نوفمبر 2025
تسجيليمكن الزعم بكل ارتياح بأن الاقتصاد القطري يعيش عصره الذهبي بدليل النمو المضطرد للناتج المحلي الإجمالي ومستوى دخل الفرد من ضمن ايجابيات أخرى. حقيقة القول، تشير مختلف التوقعات، وخصوصا تلك الصادرة من جهات معتبرة مثل صندوق النقد الدولي، إلى أن الاقتصاد القطري على موعد لتحقيق نتائج مذهلة في العام 2011. فحسب صندوق النقد الدولي، يتوقع أن ينمو الاقتصاد القطري أو الناتج المحلي الإجمالي بواقع 20 في المائة في 2011. وفي الأسبوع الماضي، توقع تقرير أصدره بنك سامبا السعودي بأن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة 19 في المائة في 2011. ويشترك بنك سامبا مع صندوق النقد الدولي فيما يخص نمو الناتج المحلي الإجمالي القطري بواقع 16 في المائة في 2010. بيد أنه تعتقد مصادر أمريكية وخصوصا وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية بأن الاقتصاد القطري حقق نموا قدره 19 في المائة في العام الماضي. ويلاحظ قدرة الاقتصاد القطري على تحقيق نتائج غير عادية رغم استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية والتي عصفت بالعالم في صيف 2008. حقيقة القول، تعتبر نسب نمو الاقتصاد القطري متميزة بكل المقاييس، إذ تعد في مصاف ما يحققه الاقتصاد الصيني. وقد نجح المارد الآسيوي في تبوأ المركز الثاني من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي بأسعار القوة الشرائية أي على حساب اليابان. في المقابل، يخشى أن يتسبب هكذا نمو اقتصادي بتجديد خطر التضخم أي العودة لذكريات السنوات القليلة الماضية. وكان الاقتصاد القطري قد عانى الأمرين في العام 2007 والنصف الأول من 2008 لأسباب جوهرية وتحديدا تداعيات الارتفاع التاريخي لأسعار النفط وهبوط سعر الدولار الأمر الذي تسبب في معضلة ما يعرف بالتضخم المستورد. في التفاصيل، ارتفع سعر النفط إلى حد 147 دولارا للبرميل في شهر يوليو من العام 2008 أي الأعلى تاريخيا. وقد ساهمت ظاهرة ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة إلى لجوء دول مستوردة للنفط برفع أسعار بعض صادراتها بقصد التعويض عن خسائرها في فترة حالة شبح التضخم على مستوى العالم. وقد تفاقمت أزمة التضخم بسبب ارتباط العملة القطرية بالدولار في الوقت الذي فقدت فيه العملة الأمريكية جانب من قيمتها. وكانت الولايات المتحدة قد لجأت لخيار تدني قيمة الدولار بهدف جعل الصادرات من جهة وتقليل الواردات من جهة أخرى لأسباب لها بالتحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي. لكن ما يريح البال هو تغير الظروف الموضوعية في هذه الفترة والتي تتمثل بارتفاع أسعار النفط في ظل عدم وجود ضغوط تضخمية كبيرة بسبب عدم تماثل الاقتصاد العالمي للشفاء الكامل من تداعيات الأزمة المالية العالمية والخبرة المكتسبة في التعامل مع آفة ارتفاع الأسعار. يعتقد بأن النمو المضطرد ساهم في تولي الاقتصاد القطري المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست أي بعد السعودية والإمارات لكن قبل الكويت. فحسب إحصاءات دولية معتبرة، يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لكل من قطر والكويت 128 مليار دولار و 117 مليار دولار، على التوالي. يعود جانب من التقدم القطري للأداء النوعي لقطاع الطاقة في ظل الزيادة المضطرة لإنتاج الغاز. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر 77 مليون طن سنويا مقارنة مع 54 مليونا سنويا في العام الماضي. وقد تم تحقيق هذا الانجاز قبل الموعد الأصلي المحدد له في 2012. يشار إلى أن قطر تتحل المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام.يشار إلى أن قطر تمتلك ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران، لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية وخصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز بواسطة عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. استنادا لتقرير تباع لشركة بريتيش بتروليوم، تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.4 و 16 في المئة و 14 في المئة على التوالي.إضافة إلى ذلك، يتوقع أن تتصدر قطر قريبا الزعامة العالمية لمستوى دخل الفرد. فحسب تقرير حديث لصندوق النقد الدولي والذي صدر في وقت لاحق من الشهر الجاري، يتوقع أن يتخطى متوسط دخل الفرد في قطر حاجز 100 ألف دولار للفرد مع نهاية 2011 أي الأعلى بلا منازع على مستوى العالم. وهذا يعني تأخر لوكسمبورغ للمركز الثاني بمتوسط دخل بنحو 83 ألف دولار للفرد. المشهور تقليديا تربع لوكسمبورغ على عرش الدول الأكثر دخلا بالنسبة للفرد لكن أصحبت قطر منافس رئيسي لها في السنوات القليلة الماضية. أدخل كأس العالم في قطر في 2022. وفي كل الأحوال، من الإنصاف توقع بقاء مستويات النمو مرتفعة قبل وبعد فترة زمنية لاستضافة قطر فعاليات كأس العالم 2022 وذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. فهناك حديث عن استثمار أكثر من 100 مليار دولار على مختلف المرافق المرتبطة بالمونديال من منشآت رياضية وفنادق وخدمات متنوعة. أخيرا وليس آخر، تستفيد العديد من الدول الواقعة في قارة آسيا من الأداء النوعي للاقتصاد القطري بدليل تمثيل المواطنين أقلية السكان في قطر. فحسب الإحصاءات المتوافرة، يشكل المواطنون نحو 20 في المائة وهي نسبة الهنود الذي يعملون ويعيشون في البلاد. كما يشكل رعايا الفلبين نحو 10 في المائة من السكان. بدورهم، يقوم العمال الوافدون بإرسال أموال إلى ذويهم وأحبتهم في بلدانهم وبالتالي تعميم الفائدة. باختصار، الأداء النوعي للاقتصاد القطري دليل وجود إدارة قوية لقيادة دفته.