17 سبتمبر 2025
تسجيليعاني الموظفون في كل القطاعات من ضغوطات العمل باستمرار ومن ضيق الوقت في إنجاز المهام الحياتية نظراً لسيطرة المهام الوظيفية، والكل ينتظر الإجازة الاسبوعية بفارغ الصبر إلاّ أنها تنقضي دون إنهاء المهام المخطط لها لعدة اسباب أهمها احتياج الراحة وصفاء الذهن وربما البقاء مع العائلة فقط أو الاصدقاء وعدم الرغبة في الالتزام بمواعيد أو أمور أخرى، وتبدأ دورة الأسبوع كطاحونة للموظف يجد نفسه يلهث ولا يجد وقتاً لنفسه وينتظر نهاية الأسبوع وهكذا، وبالتأكيد أن كثرة المهام تولد الضغوطات على النفس البشرية ناهيك عن مقاومة المنافسة مع الغير والتصدي للحروب التي قد يتعرض لها الموظف خاصة إذا ما كان ناجحاً ومنظماً ولا يقبل بالخطأ ويرغب في التطوير وخلق بيئة عمل ناجحة وغيره من الصفات التي تسبب مشكلة لدى الناقصين وممن يعانون من رُهاب الناجحين، هذا بالاضافة إلى ضغوطات العائلة والأبناء واحتياجاتهم وربما ضغوطات مادية وغيره، فكل ذلك يُعّرض الموظف لضغوطات قد تؤثر على صحته الجسدية والنفسية ويُصاب بإرهاق مُزمن لا يرتاح منه حتى في الإجازة الأسبوعية، ولهذا ولأسباب اخرى اعتمدت بعض المؤسسات والدول نظام الدوام لأربعة أيام في الاسبوع على أن يتمتع الموظف بثلاثة أيام إجازة اسبوعية مع عدم المساس براتب الموظف ومخصصاته المالية، وقد تَصّدرت ايسلندا بتنفيذ هذا النظام ونيوزلندا وفلندا وأسبانيا وكندا واستراليا وبعض الشركات في بريطانيا وشركة مايكروسوفت في اليابان ومؤخراً اعتمدت دولة الإمارات إجازة ليومين ونصف باعتبار يوم الجمعة نصف دوام والإجازة الأسبوعية السبت والاحد، وقد أظهرت النتائج عوامل إيجابية عادت على المؤسسات وعلى الموظفين بعد اعتماد الإجازة الاسبوعية لثلاثة أيام، فقد زادت الانتاجية وارتفعت الروح المعنوية للموظفين كما كان هناك انعكاس على البيئة وتخفيف الضغط على الطرقات والمرافق العامة واستهلاك أقل للطاقة والكهرباء وتخفيض بعض الخدمات العامة المقدمة في المؤسسات والتي كانت تُرهقها مادياً، وقد أجريت دراسات في كلية الإدارة في جامعة اوكلاند وجامعة جورجيا ومونتانا على موضوع الدوام لأربعة أيام في الاسبوع واتضح تحّسن في مستوى الطلاب وارتفع تحصيلهم الدراسي بالاضافة إلى النتائج الإيجابية الأخرى. وخلال جائحة فيروس كورونا وتَحّول العمل عن بُعد اتضح أن هناك وظائف كثيرة يمكنها العمل عن بُعد او يمكن اختصارها وتقليص عدد الموظفين فيها، كما أن التَطّور التكنولوجي سهّل حياة الموظفين وأصبح بإمكانهم إنجاز أعمالهم من أي مكان ولا يتطلب وجودهم في مقّر الاعمال وهذا ما يجب ان تركز عليه إدارات الموارد البشرية في كل المؤسسات حيث إن الإنجاز وسرعة الانتاج غير مرتبطة بساعات الدوام المحددة بل يمكن الإنجاز من البيت او المقهى او أي مكان آخر وذلك لطبيعة بعض الوظائف ومرونتها، وعلى العكس تماماً فيمكن أن يلتزم الموظفون بساعات الدوام لكنهم لا ينجزون ما يُطلب منهم ناهيك عن البطالة المُقنعة المنتشرة في كثير من المؤسسات نتيجة لسوء التخطيط الاستراتيجي والإداري. لاحظت الدول التي اعتمدت إجازة الثلاثة أيام للموظفين بأنهم أصبحوا أكثر صحة جسدية ونفسية نظراً لتوفر الوقت الكافي للعناية بأنفسهم وممارسة هواياتهم المفضلة وقضاء وقت أطول مع عائلاتهم وتلبية متطلبات الأبناء المعنوية، وتجّدد الروح المعنوية والنشاط مما يجعلهم يبدأون الأسبوع بحماس أكثر. البعض يرى أن هذا النظام له توابع سلبية نظراً لعدد الساعات الطويلة خلال الأيام الاربعة فقد تصل إلى 10 ساعات في اليوم الواحد، مما يجعل الموظف اكثر إرهاقاً وربما لن يستغل الإجازة الاسبوعية كما يجب، بالرغم من وجود شركات حالياً تعتمد نظام عمل 12 ساعة لمدة خمسة أيام في الأسبوع ومازالت ايام الاجازة الاسبوعية يومين فقط! الفكرة رائدة وقد تحدث تغييراً جذرياً في المسارات المهنية وتَطّورها، وربما بحاجة إلى دراسة مُتمعنة قبل اعتمادها وبالتأكيد يجب أن يُأخذ بعين الاعتبار الموظف في المرتبة الأولى فهو سبب الإنجاز وإذا ما كانت البيئة العملية صحية ومريحة (وهذا نادر ما يحدث) فإنه سيبدع وسينجز أكثر! • للأسف أن كثيرا من الموظفين لا يتوقفون عن العمل حتى بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمية بل ولا يتمتعون بالإجازة الاسبوعية وفي المقابل لا يحصلون على التقدير الذي يستحقونه، لذلك لابد من برمجة النفس على إعطاء كل أمر في الحياة حقه، فكما للعمل حقه لنفسك ولعائلتك ولاصدقائك حق فتمتع بإجازتك الإسبوعية ولا ترد على اتصالات ورسائل تأتيك بعد ساعات الدوام فالشركات لا تدفع بدلات لذلك، وإذا ما ساءت صحتك لن تعّوضك ولن تقف معك وإذا خسرت عائلتك لن تشعر بك ولا تتعاطف معك، فكُن معتدلاً في كل الأمور! [email protected] @AmalAbdulmalik