01 نوفمبر 2025
تسجيللم يترك وزيرُ الخارجيةِ السعودي شيئاً يسيءُ لمكانةِ بلاده ودورها، عربياً وإسلامياً، إلا وقاله أمامَ البرلمانِ الأوروبيِّ في بروكسل، يومَ الخميسِ الماضي. فقد تحدثَ عن بلادنا وكأنها الداعمةُ الأولى للإرهابِ، ثم هاجمَ حماس بوصفها جماعةً إرهابيةً، وجعلَ إيرانَ العدوَ الوحيدَ والأكبرَ لبلاده والدولِ العربيةِ، وغابتْ فلسطينُ والقدسُ وسوريا عن خطابه، ولمحنا أطيافَ وجوهِ الصهاينةِ تحيطُ به باسمةً سعيدةً. يا أستاذ عادل، نحنُ ندركُ مدى حساسيةِ وضعك في منصبك، ونتعاطفُ كثيراً معك شخصياً عندما تتناسى عقوداً قضيتها في العملِ الدبلوماسي حين تتحدثُ عن الدولِ كرجلٍ أميٍّ جالسٍ على مقهى شعبيٍّ. فأنتَ تعرفُ جيداً أنَّ ما تقوله لا يصلحُ في عالمِ السياسةِ، لكنك مرغمٌ عليه ليرضى عنك حكامُ إمارةِ دحلانَ الظبيانيةِ وأتباعهم في القيادةِ السعوديةِ. ولهذه الأسباب، دعني أحدثك قليلاً عن الأمورِ المتعلقةِ ببلادنا، والتي طرحتها في خطابك. 1) شرعيةُ النظامِ السياسي القطري، لا تُستمد من رضا دولِ الحصارِ، وإنما هي شرعيةٌ مستندةٌ إلى القانونِ الدوليِّ، والعقدِ الاجتماعيِّ القطريِّ، والتاريخِ، والدستورِ الذي وافقَ عليه شعبنا منذُ خمسةِ عشرَ عاماً، وإذا كنتم في دولِ الحصارِ تعتقدونَ بأنَّ خروجكم على القوانينِ الدوليةِ، ومغامراتكم البائسةِ في الانقلاباتِ بمصرَ واليمنِ وليبيا، ستؤثرُ على تلك الشرعيةَ، فأنتم مخطئونَ. 2) دعمُ الإرهابِ، التهمةُ التي يطلقها العالمُ على السعوديةِ والإماراتِ. فالمملكةُ دعمتِ التطرفَ طوالَ العقودِ الثلاثةِ الماضيةِ، وكلُّ جماعةٍ تستخدمُ الدينَ غطاءً لتبريرِ جرائمها ضد الأفرادِ والشعوبِ والدولِ ظهرتْ إلى الوجودِ بقياداتٍ ودعم إعلاميٍّ وماليٍّ من عندكم، وبتبييضٍ للأموالٍ عبرَ البنوكِ الإماراتيةِ. أما بلادنا، فلا وجودَ للتطرفِ والمتطرفينَ فيها، وذلك لأسبابٍ منطقيةٍ لا تتوافرُ في بلادكم، منها: العدالةُ الاجتماعيةُ، وسقفُ الحرياتِ المرتفعُ، وسيادةُ الدستورِ والقانونِ، وخلوُّ بلادنا من المعتقلاتِ، والدرجةُ العاليةُ للاطمئنانِ والأملِ في المستقبلِ في نفوسنا بفضلِ النهضةِ الشاملةِ التي يقودها سمو الأمير المفدى. وإذا كنتم تنتقدونَ دعمنا للشعوبِ في العالمِ العربيِّ وتعتبرونه إرهاباً، فإننا بدورنا نقولُ إنَّ دعمكم للطغاةِ كالقميءِ السيسي والعميل حفتر، ومساعيكم لتقسيم اليمن وسوريا وليبيا، هي العواملُ التي تصنعُ الإرهابَ الحقيقيَّ. 3) التدخلُ في الشؤونِ الداخلية: وهذه تهمةٌ تكادونَ تنفجرونَ غيظاً وأنتم ترونَ العالم لا يصدقُ ادعاءاتكم وأكاذيبكم بشأنها. فبلادكم هي التي تتدخلُ في شؤوننا الداخليةِ، وتعلنُ بإصرارٍ عن مساعيها لقلبِ نظامِ الحكم في بلادنا، وتستضيفُ دمى تتعاملُ معهم كحكامٍ مستقبليينَ عندنا، وتمنعُ مواطنينا من حقهم الأصيل كمسلمين في الحجِّ والعمرةِ كوسيلةِ ضغطٍ قذرةٍ على أبناءِ شعبنا. فدعْ عنك هذه الأسطوانةَ المشروخةَ لأنها معيبةٌ في حقكم، ولأنَّ الجميعَ يعرفونَ تدخلاتكم وأدواركم في الانقلابِ على الشرعيةِ بمصرَ، ودعمِ المجرمِ الانقلابيِّ حفتر في ليبيا، وعداءكم العظيم للشرعيةِ في اليمنِ، ومواقفكم المشبوهةِ في سوريا. 4) الازدهارُ في بلادنا: فقد أضحكتنا أقوالك بشأنها لأنك تحدثتَ عنها بغيرةٍ مريضةٍ وحقدٍ أعمى، وكأنك تقولُ للناسِ إنَّ نورَ الشمسِ الذي يملأ الدنيا نهاراً لا يعني أنها مشرقةٌ. نعم، يا أستاذ عادل، إنَّ الدنيا ترانا بمنجزاتنا في التعليمِ، وإسهاماتنا في الرياضةِ العالميةِ، ورؤيتنا الوطنيةِ المتقدمةِ، ولسنا بحاجةٍ لمقارنةِ الحالِ عندنا بالحالِ في دولِ الحصارِ لتعرفوا المدى الحضاريَّ والإنسانيَّ الشاسعَ الذين يفصلُ بيننا وبينَ تخلفكم الحضاريِّ والسياسيِّ. كلمةٌ أخيرةٌ: قد تكونونَ نجحتم في نشرِ خطابِ الكراهيةِ، وترسيخِ الأحقادِ في نفوسِ قلةٍ من شعوبكم، لكنكم فشلتم في محاولاتِ إلحاقِ بلادنا بقافلةِ تخلفكم، فسرنا إلى الأمامِ بقيادةِ تميم المجد، ولم نعد نسمع لغوكم ونعيقكم.