18 سبتمبر 2025
تسجيلالقرار الحديث لمؤسسة ستاندرد أند بورز بتخفيض المستوى الائتماني للبحرين بواقع درجتين غير منصف لعدم أخذه بعين الاعتبار جملة الإصلاحات الاقتصادية وضخامة الاستثمارات الواردة. فتقليص المستوى الائتماني إلى بي بي مفاده نزع الصفة الاستثمارية لأدوات الدين العام التي تصدرها البحرين الأمر الذي يضيف لكلفة الإصدار. وهذا يفسر قرار الجهات الرسمية في البحرين بسحب وإعادة طرح سندات بقيمة 750 مليون دولار وتقديم نسب أعلى للفوائد. وكانت المعلومات الأولية قد رشحت بأن حجم الطلب على الإصدار كان أكثر من المطلوب نظرا للسجل الإيجابي للبحرين في مجال إصدار السندات. مؤكدا، يواجه الاقتصاد البحريني تحديات استثنائية بما في ذلك العجز في الموازنة ومعضلتي المديونية والبطالة. فقد تم إعداد موازنة السنة المالية 2016 بعجز قدره 4.1 مليار دولار أي 42 بالمائة من النفقات المقررة وهي نسبة كبيرة وغير طبيعية.ويضاف إلى ذلك حجم المديونية العامة المقدر بنحو 19 مليار دولار مشكلا 56 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي أعلى نسبة بين دول مجلس التعاون الخليجي.ثم هناك معضلة البطالة والتي تبلغ 8 بالمائة حسب أرقام صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي أي ضعف المتوسط الرسمي. كما ترتفع البطالة في أوساط الشباب الباحث عن فرص عمل مناسبة.بيد أنه يبدوا أن المؤسسة الائتمانية تناست الحراك نحو الإصلاحات الاقتصادية عبر إعادة هندسة الدعم. فقد أقدمت السلطة على إعادة هيكلة الدعم المقدم لبعض السلع الاستهلاكية مثل اللحوم الحمراء وتبني معادلة وقف الدعم مع تعويض المواطنين المستحقين.الأمر الآخر عبارة عن رفع أسعار البنزين الممتاز بواقع 60 بالمائة وصولا إلى 42 سنتا أمريكيا مع عدم استبعاد فرضية ارتفاع جديد مستقبلا لأسعار المشتقات النفطية. كما شرعت السلطة في خطوات رفع تعريفة خدمتي الكهرباء والماء بدءا بالأجانب من جهة وربط تقديم خدمات بلدية جديدة بسداد الفواتير المتأخرة بالنسبة للمواطنين من جهة أخرى.أيضا، يوجد حديث بفرض ضريبة القيمة المضافة على مستوى مجلس التعاون خلال العام 2018. تهدف كل هذه الخطوات إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية وهو هدف إستراتيجي نظرا للدور المحوري للقطاع النفطي في الوقت الحاضر بالنسبة لإيرادات الخزانة والصادرات. إضافة إلى ذلك، هناك موضوع توقع جلب استثمارات قدرها 32 مليار دولار خلال الدورة الاقتصادية الحالية، وهي استثمارات من القطاعين العام والخاص فضلا عن الدعم الخليجي أو ما يعرف بالمارشال. يعد الرقم ضخما كونه يقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين وقدره 33 مليار دولار. فمن شأن استقطاب استثمارات محلية وإقليمية وأجنبية تعزيز فرص النمو الاقتصادي وبالتالي إيجاد فرص عمل للمواطنين.حديثا فقط، وفرت الإمارات تمويلا قدره 919 مليون دولار أي تقريبا 84 بالمائة من كلفة تطوير مطار البحرين مثل تعزيز الطاقة الاستيعابية. يعد قطاع الطيران من أبرز القطاعات الاقتصادية في دول مجلس التعاون ويترك أثاره الإيجابية على العديد من القطاعات الأخرى مثل السياحة والضيافة.في المجموع، اعتمدت مؤسسة ستاندرد أند بورز الضغوط المتعلقة بالدخل النفطي لتبرير خطوتها بتخفيض المستوى الائتماني للبحرين. ويترجم هذا إغفال بعض التطورات الحيوية ونقاط القوة في اقتصاد البحرين مثل الإصلاحات الاقتصادية المستمرة فضلا عن الدعم الخليجي ورغبة مستثمرين محليين وإقليميين ودوليين للاستثمار في الاقتصاد البحريني. مهما يكن من أمر، الثقة العالمية في الاقتصاد البحريني باقية ومتينة وثابتة وتتجلى عبر استضافة المرحلة الثانية لعام 2016 لسباق الفورمولا واحد في حلبة الصخير بداية أبريل. ويضاف لكل ذلك الثروة البشرية المحلية التي تمتلكها البحرين.