27 أكتوبر 2025
تسجيلإن مما لا يختلف عليه اثنان أن الأسرة وجدت بمثابة الأرض التي تنمو النبتة فيها، وتستقي منها الماء والغذاء لتكبر ولتستمد منها ثباتها وقوتها ووجودها، وهكذا هو دور العائلة، فحين يخرج فرع جديد منها تمده بالدعم والحب والرعاية منذ نعومة أظفاره حتى يكبر ويقوى ويصبح قادراً على مجابهة الحياة بصعوباتها وتياراتها المعاكسة وبكل تحدياتها ورياحها العاتية.وبالرغم من ذلك فإن العائلة لا تتخلى عن هذا الفرد مهما كبر وازدادت خبرته في هذه الحياة، ببساطة شديدة لأن الإنسان دوما يبقى قوياً بأهله وأحبائه،( وإنما تأكل الذئاب من الشاة القاصية) فتبقى الأسرة دعائمه ووسائل حماية له على مر الأيام والسنين .لكن أصبحنا نرى في زماننا هذا زمن العجائب أهالي يدمرون حياة أبنائهم، ويحولون بينهم وبين الاستقرار والاستمرارية في حياتهم المستقلة التي يجب أن تكون تفاصيلها من صنع أيديهم وبرغبتهم لأن هذا الفرد قد كبر ونضج ومن المفترض أن يكون قادراً على إدارة حياته مع شريكه دون تدخل متعد وغاشم من قبل الأهل، وذلك لأن هذا التدخل الذي غالباً ما يعمد له كثير من الأهالي أصبح سببا رئيسياً من أسباب الطلاق، هذه الآفة التي باتت تهدد مجتمعاتنا وتخرب أسرنا وتجعل من مجتمعاتنا مجتمعات مريضة ضعيفة تعاني لبناتها من التفكك والخلافات والتجارب الفاشلة، وتفرز لنا بدلاً من أطفال أصحاء قادرين على بناء المستقبل بكل قوة وثبات، أطفال طلاق منهكين من تحمل ما لا يطيقونه من خلافات آبائهم، وإضاعة حقوقهم بين الطرفين.لذا فإن على الآباء والأمهات أن يتقوا الله تعالى في أبنائهم وبناتهم، وأن يوازنوا بين حبهم لهم وخوفهم عليهم وبين مصلحة أبنائهم الحقيقية التي تحتم أن يترك لهم مساحة من الحرية الشخصية ورغباتهم الخاصة في خوض حياتهم في أسرهم الصغيرة حتى لا تتعارض الرغبات والأهواء فتكون النتيجة غرق سفينتهم بين تلك التيارات بدلاً من وصولها لبر الأمان.