16 سبتمبر 2025

تسجيل

ظاهرة تقسيم البيوت قنبلة موقوتة

27 يناير 2021

انتشرت مؤخراً وبشكل ملحوظ في العديد من المناطق بالدولة ظاهرة تقسيم الفلل والشقق إلى وحدات سكنية، وتأجيرها من الباطن مخالفة للقوانين والنظم المعمول بها بالدولة في ظل غياب التنسيق بين الأجهزة الرقابية على ذلك، وقد أصدرت وزارة البلدية والبيئة والجهات المعنية عدة قرارات وإجراءات، ولكنها لم تجد نفعاً للحد من هذه الظاهرة، ورغم المخالفات والغرامات التي يتم فرضها على المخالفين، إلا أن أصحاب الفلل والبيوت المخالفة والمؤجرين بالباطن يستمرون في مخالفاتهم، وذلك لعدة أسباب منها أن قيمة المخالفة لا ترقى للضرر الذي تسببه هذه المخالفات أو أن ضعف الرقابة البلدية والأجهزة المختصة الأخرى لا تقوم بأداء دورها المنوط بها. أسباب انتشار الظاهرة الحل لأي مشكلة أو تشخيصها يكمن في تحديد أسباب المشكلة والأسباب التي تؤدي إلى بروز المشكلة أو الظاهرة، ومن أهم الأسباب التي تساهم في انتشار ظاهرة تقسيم الفلل والشقق هو النقص في المعروض من الفلل والشقق للإيجار، مما يضطر الوافدين القبول بالسكن في هذه الوحدات السكنية المقسمة، وهذا السبب أصبح من الماضي باعتبار أننا نشهد الكثير من المباني التي يتم تشييدها في السنوات الأخيرة خاصة تلك المجمعات السكنية التي قامت بإنشائها بعض شركات تطوير العقارات، سواء للأسر أو العمالة الوافدة، ومن الأسباب أيضا هو ارتفاع إيجار العقارات وعدم قدرة الكثير من الأسر الوافدة والمقيمين من تحمل قيمة الإيجار، مما اضطرهم إلى البحث عن قيمة إيجار أرخص، ويجدون ضالتهم في الوحدات السكنية المقسمة، ومن الأسباب التي أدت أيضاً إلى انتشار الظاهرة وزيادتها هو تهاون الجهات المعنية في الرقابة على تحرير هذه المخالفات وضعف العقوبة المقررة على المخالفات التي يتم ضبطها. المتسبب في انتشار الظاهرة بالبحث في أسباب الظاهرة يتبين بأن هناك بعض الأشخاص (السماسرة) هم من ساهموا في وجود هذه الظاهرة وانتشارها في ظل ارتفاع إيجارات العقارات في الدولة بسبب قلة عدد الوحدات السكنية قبل عدة سنوات خلال التسعينات، وذلك بعمل حواجز خشبية أو جبسية رقيقة وتقسيم الفيلا أو الشقة إلى عدة ملاحق أو وحدات، ويتم تأجيرها من الباطن إلى عدد من الأسر والأفراد محققين مكاسب مالية كبيرة ويستفيدون من الفائض المالي من قيمة الإيجار التي يدفعونها للمالك من تلك التي يحصلونها من المستأجرين، بالإضافة إلى أن بعض الملاك يساهمون في انتشار هذه الظاهرة بصمتهم عن هذا الفعل في عقاراتهم رغم ما تسببه هذه الظاهرة من أضرار هيكلية للعقار، وربما يتكلف صاحب العقار مبالغ طائلة بسبب صيانة الأضرار التي لحقت بالعقار من جراء التقسيم. هل العقوبات قادرة على الحد من الظاهرة؟ القانون الذي صدر للحد من هذه الظاهرة هو القانون رقم (4) لسنة 1985م وتعديلاته بشأن تنظيم المباني، خاصة المادة (1) فقرة أولى، التي تنص على أن (لايجوز تشييد بناء أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو صيانتها أو تغيير معالم أي عقار بحفره أو ردمه أو تسويته، أو القيام بأي عمل من أعمال تمديد الخدمات أو توصيلها للمباني أو صبغها، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البلدية المختصة)، وحددت المادة (19) من نفس القانون العقوبة على هذا الفعل بالتالي: على أي مخالف لهذه الشروط يعاقب بغرامة لا تقل عن (250) مائتين وخمسين ريالا، ولا تزيد عن (500) خمسمائة ريال لكل متر طولي مخالف، مع تصحيح أو استكمال أو إزالة الأعمال المخالفة أو أداء الرسوم المستحقة على الترخيص بحسب الأحوال، وهذه العقوبة تجعل من القوانين والقرارات الصادرة في الحد من انتشار هذه الظاهرة غير كافية للتخلص من المشكلة التي تعاني منها جميع الأجهزة الخدمية بالدولة. آثار ظاهرة تقسيم الفلل تنتشر ظاهرة تقسيم البيوت والشقق بصورة كبيرة في عدد من المناطق بالدولة وتتركز أكثرها في مناطق المطار العتيق، مناطق وسط الدوحة، المعمورة وأبو هامور، حتى أن بعض المناطق الطرفية الجديدة انتشرت فيها هذه الظاهرة مثل الخريطيات والخيسة والوكير وغيرها، مما ينبىء بالخطر من تأثير هذه الظاهرة على البنية التحتية للخدمات، مثل التأثير المباشر على أحمال شبكتي الكهرباء والماء، بالإضافة إلى الضغط على الطرق الداخلية التي تقع فيها هذه العقارات المقسمة والتسبب في أضرار الطبقة الإسفلتية نتيجة هذا الضغط، وانتشار ظاهرة الازدحام المروري لزيادة سيارات القاطنين في هذه الوحدات المقسمة، بالإضافة إلى تشويه المنظر العام لمباني الدولة أمام الزائرين. أين يكمن الحل؟ هناك حلول عديدة تحد من هذه الظاهرة على رأسها التنسيق الكامل بين البلديات المختلفة مع المؤسسة العامة للكهرباء والماء وجهاز الإحصاء والتخطيط، وزارة البلدية هي المنوط بها تنفيذ القانون وضبطية المخالفات وتوثيق عقود إيجار العقارات بعد التأكد من سلامة المباني المؤجرة، وكهرماء هي التي تقوم بقطع خدمات الكهرباء والماء عن العقارات المختلفة بعد تحديدها من قبل البلدية المختصة، وجهاز الإحصاء والتخطيط الذي يمكنه تزويد البلديات المختصة بالفلل والبيوت المقسمة من خلال الإحصائيات الميدانية التي يقوم بها للمباني بين الحين والآخر، خاصة التعداد السكاني للعام 2020 الأخير، لأن الغرامات المقررة لهذه المخالفات لا تجدي ولا تردع المخالفين لأن العائد المالي يعتبر كبيراً إزاء ما يدفعه المخالف من غرامات مالية، مما يشجع الكثير على التمادي في ارتكاب هذه المخالفات التي يجني منها كثيراً من المال. دور عضو المجلس البلدي وهناك دور أكبر يمكن أن يقوم به عضو المجلس البلدي المركزي الممثل للمنطقة، وذلك بأن يقوم بواجبه في حصر هذه البيوت والفلل والشقق وإبلاغ البلدية والجهات المعنية بأماكن حدوث هذه المخالفات، خاصة أن عضو المجلس له علاقة اجتماعية مع معظم الساكنين من المواطنين في دائرته الانتخابية بحكم أنه قام بجولات ميدانية أيام حملاته الانتخابية، وبالتالي من السهولة أن يتعرف العضو على العقارات التي يقطن فيها الوافدون، كما أن هناك بعض الظواهر التي يستدل بها العضو على البيوت المقسمة سواء بكثرة السيارات أمام هذه العقارات المخالفة، خاصة أثناء الليل أو بإبلاغه من جيران العقار المخالف. كسرة أخيرة لابد أن تتضافر الجهود الرسمية والشعبية للحد من هذه الظاهرة، ورفع درجة الوعي للمواطنين من أصحاب العقارات بأن هذه الظاهرة تضر بمقدرات البلاد المتاحة لهم وتأثير هذه المخالفات على تمتع المواطنين بكامل حقوقهم من هذه الخدمات الضرورية، كما يهمنا كمواطنين أن يكون منظر مدننا أكثر حضارة بالوقوف بشدة أمام كل ما يشوه المنظر العام للشوارع والمباني، ويأتي هذا الوعي من نشر التوعية اللازمة من قبل الجهات المعنية كوسائل الإعلام وتوزيع النشرات الضرورية في أماكن مراجعة المواطنين مثل البلديات والجهات المختصة بمراقبة العقارات وإجراءات تسجيلها، ودور المواطن هنا أكبر من الجهات المختصة إذا ارتفعت درجة الوعي لديه بالأضرار السالبة لمثل هذه الظواهر والشعور بالحس الوطني تجاه بلاده. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]