30 سبتمبر 2025

تسجيل

مرحبا بنتائج القمة العربية الاقتصادية في الرياض

27 يناير 2013

تميزت القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثالثة والتي أنهت أعمالها في الرياض قبل أيام بإصرارها على تعزيز التعاون التجاري بين البلدان العربية بغية معالجة بعض التحديات التي ساهمت في ظهور الربيع العربي.. لكن خلافا لأول قمة من نوعها والتي عقدت في الكويت بداية 2009 لم تبالغ القمة الاقتصادية للعام 2013 فيما يخص الأهداف المراد تحقيقها؛ بل كان لافتا إصرار البيان الختامي على أهمية إزالة العوالق التي تقف أمام حرية تحرك رؤوس الأموال بين الاقتصادات العربية وهو ما سنتطرق إليه في أماكن أخرى في المقال. وللتدليل على ما نقول شددت قمة الكويت على طرح الربط البري بالسكك الحديد بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية.. بيد أنه كان واضحا من البداية صعوبة تحقيق هذا الأمر لأسباب لها علاقة بوجود البينة التحتية اللازمة في جميع الدول العربية فضلا عن عامل الجغرافية.   تتوزع الدول العربية وعددها 22 بلدا على قارتين (آسيا وأفريقيا) خلافا لما عليه الحال بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي (27 دولة) حيث تقع كلها في قارة واحدة فضلا عن كونها اهتمت منذ أمد بعيد بتطوير البنية التحتية فيما يخص حركة المواصلات العامة بما في ذلك القطارات. يشار إلى أنه حتى الآن لا يوجد ربط بري بالسكك الحديد بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي رغم القرب الجغرافي رغم الحديث المتكرر حول تحقيق هذا الهدف. لكن بات الحديث عن ربط دول مجلس التعاون الخليجي عن طريق شبكة قطارات أكثر جدية من أي وقت آخر. بدورها استضافت مصر القمة الاقتصادية الثانية قبل أسابيع فقط من اندلاع المظاهرات الشعبية العارمة والتي أدت في نهاية المطاف إلى سقوط نظام حسني مبارك.. مؤكدا ساهمت الظروف الاقتصادية والتنموية والاجتماعية غير المرضية في إنهاء نظام مبارك والذي لم ينجح في معالجة العديد من المعضلات التي عاشتها مصر رغم طول مدة بقاءه في السلطة. فقد عانت مصر من بطالة تتكون من رقمين وبالتالي أكثر من 10 في المائة في أحسن الأحوال. كل هذا في الوقت الذي تشكل فيه القوى العاملة نحو ثلث السكان وهي نسبة متدنية قياسا بما هو سائد في العالم، بل نصف ما عليه الحال في الولايات المتحدة الأمر الذي يحمل في طياته فرضية حدوث المزيد من التدهور لهذا البلاء. كما أن هناك معضلة التضخم والتي تم تقديرها بنحو 13 المائة قبل خروج المظاهرات المليونية. وقد ساهم هذا الثنائي الخطير في تعقيد خط الفقر في مصر مع ما لذلك من تداعيات سلبية على مختلف أوجه المعيشة بالنسبة لقطاع واسع من المواطنين. وعودة لصواب بعض نتائج قمة الرياض وتحديدا مطالبة الدول الأعضاء في توفير الأرضية المناسبة لحرية تحرك الاستثمارات العربية البينية. ويلاحظ في هذا الصدد ذهاب أرقام ضخمة تخص الاستثمارات الخليجية للدول الغربية مثل بريطانيا ومثال ذلك شراء قطر لمتاجر (هارودز). تتميز الدول الغربية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فضلا عن اليابان بتمتعها بمنظومة قوانين توفر الطمأنينة بالنسبة للمستثمرين. الأمر الإيجابي الآخر فيما يخص نتائج القمة الاقتصادية في الرياض عبارة عن التوجه نحو تعزيز إيرادات بعض الصناديق بشكل نوعي وليس أقل من 50 في المائة مساهمة من السعودية فقط. ويعد هذا دليلا إضافيا على رغبة الدول العربية الغنية في تحويل جانب من إمكانياتها المادية لصالح التنمية في الدول العربية الأخرى. وكانت الكويت السباقة في هذا الصدد عند احتضانها أول قمة اقتصادية وتنموية واجتماعية عبر تقديمها 500 مليون دولار لإنشاء صندوق خاص لدعم وتمويل المشاريع التنموية لتطوير البنية التحتية في الدول الأكثر حاجة من غيرها. طبعا فهم من هذا التوجه توفير التمويل اللازم وبشروط ميسرة لتنفيذ مشاريع تنموية مثل تطوير الموانئ و شبكة الطرق ما يعزز من فرص التنمية في بعض الدول العربية والتي هي في أمس الحاجة للموارد المالية. وكما كان متوقعا تطرقت القمة لبعض المشاريع التكاملية الأخرى مثل إقامة مشروع للاتحاد الجمركي العربي والذي دخل رسميا حيز التنفيذ مطلع العام 2010 على أمل تطبيقه بشكل كامل في 2015. بل من شأن نجاح عملية تنفيذ المشروع الجمركي تعزيز اعتماد الدول العربية على بعضها وبالتالي تسهيل تطبيق المشروع الطموح أي إقامة السوق العربية المشتركة. لكن يكمن التحدي في تباين مستوى التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية الأمر الذي ينعكس على مدى اهتمامها بتطبيق المشاريع التكاملية. كما فرضت التطورات السياسية والأمنية في بعض الدول العربية مثل سوريا على سبيل المثال على أولويات المجتمع. للأسف الشديد، مازالت التجارة البينية بين الدول العربية ضعيفة لأسباب أشرنا لبعضها سلفا. يشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن التجارة البينية لا تتجاوز في أحسن الأحوال ما بين 12 حتى 15 في المائة من تجارتها مع العالم.. بل إن السواد الأعظم من هذه التجارة هي بين دول مجلس التعاون الخليجي الست والتي بدأت بتطبيق مشروع الاتحاد الجمركية في بداية العام 2003. يلزم مشروع لاتحاد الجمركي الدول الأعضاء بتوحيد سياساتها التجارية مع الدول غير الأعضاء. كما بدأت دول مجلس التعاون تطبيق مبدأ السوق المشتركة في بداية العام 2008 ما يعني إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء من دون أي عراقيل. ختاما.. يصعب التكهن بمدى إمكانية تطبيق مشاريع التكامل الاقتصادي بين الدول العربية. وربما يكون المدخل لذلك هو تركيز القمة على مسألة إفساح المجال أمام حرية حركة رؤوس الأموال الأمر الذي يخدم مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة وفي مقدمتها الدول المستقطبة لها بالنسبة لإيجاد فرص عمل للمواطنين والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي.