18 سبتمبر 2025

تسجيل

أطفال الطلاق زهور تنبت في الصخور

27 يناير 2011

رأينا كيف تشير الإحصاءات لزيادة متسارعة في أعداد حالات الطلاق في مجتمعاتنا بشكل ملحوظ لم نعتد عليه في السابق، ويرجع المختصون ذلك لأسباب كثيرة لست هنا بصدد شرحها والحديث عنها. ولكن الشيء بالشيء يذكر، فقد يرجع ذلك التزايد لأسباب كثيرة منها اختلاف المعايير والقيم التي اختلت بفعل العوامل الدخيلة التي تبعت العولمة والانفتاح غير المنظم، مما أفقد الكثير من مجتمعاتنا توازنها النسبي، وجعلها مذبذبة بين ذلك..لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. أو قد يعزى مايحدث من خلل في بناء الأسرة إلى اختلاف نمط الحياة وتسارع وتيرتها وتقلب الظروف الإقتصادية والمعيشية الذي أدى بدوره لتحويل الحياة في كثير من الأحيان إلى حياة مادية أكثر من كونها مشاعر وأحاسيس ومشاركة وتفاعل.. مماأفقدها دفئها وقدرتها على المحافظة على ديمومتها.. وقد يكون التغير في الوضع الاقتصادي للمرأة عاملا من تلك العوامل التي جعلت كثيراً من النساء اللواتي لم يدركن أن العمل والارتقاء في المجتمع ووجود نوع من الاستقلال المادي لايعني أن تستغني المرأة عن الرجل ولاتعود قادرة على احتوائه والتعامل مع معطيات وجوده في حياته والتأقلم معه لإكمال مسيرة الحياة الأسرية.. فجعلت أولئك النساء غير قادرات على تحمل أي خطأ أوتقصير يقع من الطرف الآخر.. وبالمقابل فقد تكون تلك الفئة التي تمثل شريحة لايستهان بها من الشباب غير القادر على تحمل مسؤولية الأسرة وأعباء الزوجة والأطفال، لأنه ببساطة لم يتعود على أي نوع من المسؤوليات في عائلته، قد يكون ذلك النوع من الشباب المستهتر الذي يفضل ألف مرة الجلوس مع "الربع" في القهوة أو لعب الورق أوالألعاب الإلكترونية في المجلس أو "كشتة" البر ألف مرة عن قضاء ساعة في منزله أو بصحبة شريكة حياته وأبنائه مما يجعل استمرارية الحياة الأسرية ضرباً من المحال. وقد يكون ضعف الوازع الديني وخلل التربية المعتمدة على الخدم سببا من تلك الأسباب، إلى جانب دور الإعلام وغير ذلك من الأسباب التي لايتسع لها المجال.. وأياً كان السبب من تلك الأسباب أوغيرها فإن الأسرة حين تتعرض لذلك الصدع الذي لايمكن رأبه، فإن طرفي العلاقة أو أحدهما هو الذي يتسبب بهذا الصدع، ولكن من يدفع الثمن الأعلى لتلك المأساة هم الأطفال.. فالأسرة بالنسبة لهم هي الحضن الذي يكبرون فيه وهي الأمان والحب والحنان الذي يسقي غرس طفولتهم حتى يكبروا ويكونوا قادرين على خوض غمار الحياة بكل مافيها.. فحين يفقد الأطفال ذلك الأمان والاستقرار يصبحون معرضين لشتى أنواع المعاناة والحرمان العاطفي والشعور بعقدة النقص الشديد أمام أقرانهم، ويغدو التصالح مع الذات أمراً في غاية الصعوبة عند أولئك الأطفال.. وأكثر من ذلك كثيراً مما يعانيه أطفال الطلاق الذين يدفعون فواتير أخطاء لم يكونوا أصحابها.. بل هم ضحية لمأساة صنعها آباؤهم..