13 سبتمبر 2025

تسجيل

طلاق أم عناق

26 ديسمبر 2021

لماذا أصبحنا مكباً لنفايات الغرب؟ سؤال لطالما أشعرني بالأسى كلما حدث ما يستثيره في عقلي، لماذا سمحنا لأنفسنا أن نصل لما نحن عليه من كوننا مستقبلين ومنفذين ومستهلكين لكل الصادرات الخارجية الفكرية والسلوكية والحضارية وغيرها بخيرها وشرها ! ومما يستثير هذا السؤال لدي كل يوم ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تني تتقيأ على المجتمع بسلبياتها اللامتناهية. هذه الصناعة الغربية وطفل الثورة المعلوماتية المدلل التي امتصها مجتمعنا كعادته في استقبال أي منتج غربي، فنحن خير من نكافئ الحضارة الغربية على اختراعاتها، وخير من يتدبق بمنتوجاتها، فحضن المستهلك العربي يتلقفها بكل إذعان وطاعة فالعربي العزيز يستهلك المنتوجات الغربية وهو يضع نظارة العميان فيسير خلف مسيره مستسلماً خاضعاً. صحيح أننا لا يمكننا أن نكنس بقفا اليد تلك الصادرات أو نمنعها ولكن نقف منها موقف المستبصر العاقل طالما لا نزال نعاني من مرض التبعية والخنوع، فالانقلاب على هذا الوضع يقتضي انتفاضة جذرية يصعب قيامها في الوقت الراهن. وما دمنا في الوقت الراهن - عصر التبعية والانقياد والبلادة – وما دمنا بعيدين عن روح الفلسفة والعلم فعلى أقل تقدير لا يمكن أن نبقى بعيدين عن روح الأخلاق التي جاء المصطفى – صلى الله عليه وسلم - ليتممها ويعمل بها ويدعو إليها، فكثير مما يحدث على هذه المنصات قد طلّق الأخلاق والشيم العربية، فالمذاهب الأخلاقية هي الشيء الوحيد الذي لا ينبغي أن يتحول أو يتبدل في خضم طفرات التطور. وتتجلى هنا ظاهرة خطيرة يمكن أن نطلق عليها ظاهرة "الرقيب البليد" حيث يرتدي بعض الأفراد زي الرقيب المتخفي خلف ستار الشاشة ليمارس الرقابة على المجتمع، ويجلد أفعالهم بسياط كلماته، بينما يتكئ على مقعده الوثير، يتتبع ويترقب أخبار الناس بلمسة رقيقة من أنامله الغليظة، ولا أتعارض هنا مع مسؤولية جميع الأفراد في حماية المجتمع فكرياً وسلوكياً، إلا أن المبالغة في ذلك تتأتى من الفراغ، وقلة الثقة في النفس، والاحتياج المرضي الذي يعيشه معظم هؤلاء، فوجدوا في وسائل التواصل الاجتماعي ضالتهم، فبدأوا في استخدام أسلحتهم الفتاكة ضد أبناء جنسهم معتقدين خطأً بأن هكذا تكون الرقابة والوصاية على المجتمع، حيث يعتقدون أن هذا هو عين العقل والصواب، فإدراك العقل في العالم المعاصر بات مختلفاً، إذ يُعرف الآن على أنه آلة للسيطرة والكسب والانتصار والمضي لإنجاز الأهداف بأيسر الطرق وربما أكثرها وضاعة، بينما العقل يأتي من الجذر "عقل " ومن معانيه التدبر، والتدبر متصل بالتأني ومعرفة العواقب والتفكر فيما إذا كان من الحكمة أن نعمل عملا أم نتخلى عنه. وقد أفرزت الساعات الطويلة التي يقضيها مثل هؤلاء على منصات التواصل بعض السلوكيات المزعجة كالتركيز على السلبيات، والنقد غير البناء، والترويج عن بعض المواقف التافهة، التي قد تحدث في مختلف المجتمعات، كبعض التصرفات التي تحدث عن جهل البعض، أو سوء تصرف يصدر من فئات سنية صغيرة، وتضخيمها، وتسليط الضوء عليها بطريقة سلبية، مع مطالبات لإيقاف مثل هذه التصرفات من السلطات المعنية، معتقدين أنهم يساهمون في ذلك من الحد من انتشارها. وهنا يتمظهر تكدس الفكر المحدود في فضاء فلسفة التطور. ما هكذا تورد الإبل يا سادة ! وليس كل شيء يستحق التصوير والترويج، فلكل مقام مقال، ولكل موقف طريقة مختلفة في معالجته، فمعالجة المواقف المختلفة دون الأخذ في الاعتبار لملابساتها، يحدث انتكاساً ونتائج عكسية، كالرهاب الاجتماعي والقلق والاكتئاب ومشاعر الإحباط والخوف. وهنا يأتي دور الجهات المعنية في ردع هذه السلوكيات، فالردع لا يكون فقط للأشخاص الأبرياء الذين قد يقعون في الخطأ عن جهالة، ودون سبق وإصرار، وذنبهم الوحيد أنهم كانوا ضحايا للرقيب البليد الذي يقتنص الفرص لرصد أي سلوكيات ويحكم عليها ويهولها ويتناقلها في المنصات المختلفة، إنما بوقف ومكافحة هذا الرقيب وإنزال رتبته وتجريده من أسلحته ومن يشاركه في هذه الجرائم والفضائح، فحسب بعض المواقف النصح والتوجيه بالأسلوب اللطيف وبعيداً عن التشهير وإثارة البلبلة. وأعود فأتساءل لماذا نميل غالباً لاستعمال التكنولوجيا والثورة المعلوماتية وجميع ما نستورده من الغرب بالطريقة السلبية ؟ لماذا نترك الأثر السيئ في استخداماتنا لها؟ لماذا لا نستخدمها الاستخدام الجميل البناء؟ كما يفعل أصحابها؟ لماذا نشوه بأفعالنا البعيدة عن الدين والأخلاق والتعقل كل جميل يساعدنا أن نعيش بطريقة أفضل؟ علني أجد الإجابة أو قد أستثيرها لديكم. دمتم بود. [email protected]