04 نوفمبر 2025
تسجيلترامب هو الواجهةُ الحقيقيةُ للمتطرفينَ المسيحيينَ المتصهينينَ بالولاياتِ المتحدةِ، ولا ينطلقُ في سياساته من المصالحِ الكونيةِ لبلاده كما هو حال سابقيه من الرؤساءِ الأمريكيينَ، وإنما من رؤيةٍ دينيةٍ متخلفةٍ تقولُ بوجوبِ دعمِ اليهودِ ليبنوا الهيكلَ المزعومَ لسليمانَ على أنقاضِ المسجدِ الأقصى، لأنَّ بناءه يعني عودةَ المسيحِ المخلصِ الذي سيقودُ أتباعه في معركةِ هرمجدون ضد (الكفارِ)، ثم تكونُ بعدها نهايةُ العالمِ. في عهد ترامب، من الطبيعيِّ جداً أن يتواجدَ متصهينونَ محسوبون على العربِ والمسلمينَ، يكادون يذوبونَ إنسانيةً وتحضراً عندما يتحدثونَ عن الكيانِ الصهيونيِّ، وينفجرونَ لؤماً وقسوةً عندما يتحدثونَ عن الفلسطينيينَ واليمنيينَ والليبيينَ والقطريينَ، ويشاركون في الطعنِ بالإسلامِ والعروبةِ، فيخرجُ تركي الحمد من السعوديةِ بتغريداتٍ يقولُ فيها إنه يمقتُ تسميةَ بلاده بديارِ الحرمينِ، وإنَّ القضيةَ الفلسطينيةَ كانتِ السببَ في معاناةِ السعوديينَ. ويخرجُ السديس معلناً أنَّ شؤونَ العالمِ بيدي ترامب وخادمِ الحرمينِ الشريفينِ، ويتقافزُ الدعيُّ وسيم يوسف شحادة بإمارةِ دحلانَ ليخبرنا بأنَّ الواجبَ علينا تجاه القدسِ هو الدعاءُ في الصلاةِ فقط. ويتثاقفُ دليم القحطاني، المستشارُ بالديوانِ الملكيِّ، وزمَّارُ القصرِ تركي آل الشيخ، بقصائدَ ضد بلادنا. ويتورمُ بالكبرِ الفارغِ ناصر الخليفة، المعروفُ بنصور المعجزةِ، فيتحفنا بقصيدةٍ مضحكةٍ لأنها من صغيرٍ لا شأنَ له يخاطبُ فيها شعبنا الذي لا يشعرُ بوجودِ جزيرةِ البحرينِ كلها. وأخيراً، يخرجُ وزيرُ خارجيةِ إمارةِ دحلانَ فيعيدُ تغريدَ تغريدةٍ يحاولُ فيها المسَّ بتركيا ورئيسها الشريفِ أردوغان، إننا نعيشُ كابوساً صارَ فيه الرويبضاتُ سادةً في بعضِ ديارنا العربيةِ، ولكنهم رويبضاتٌ لهم أنيابٌ فيها سمٌّ زعافٌ لا يستخدمونه إلا ضد العربِ والمسلمينَ. ولأننا، القطريينَ، أحدُ المستهدَفينَ بالمؤامرةِ الكبرى التي خطط لها الصهاينةُ، وتديرُ إمارةُ دحلانَ عمليةَ تنفيذها، فلابد أن نتحدثَ بصراحةٍ لنقولَ إنَّ من أعظمِ فوائدِ جريمةِ الحصارِ أنَّ بلادنا انطلقتْ بعيداً عن مراكزِ التخلفِ الحضاريِّ، والسفاهةِ السياسيةِ في الرياضِ، وإمارةِ دحلانَ، والمنامةِ، فقد أدركنا أننا، منذُ عقودٍ، كنا نعيشُ مأساةً تتمثلُ في وجودِ قيادةٍ ذاتِ رؤيةٍ حضاريةٍ، وشعبٍ مبدعٍ، وإمكاناتٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ ضخمةٍ في بلادنا، لكن تفعيلها بصورةٍ صحيحةٍ كان يصطدمُ بجدرانِ قوقعةِ الجاهليةِ السعوديةِ التي تحاولُ دائماً إخضاعَ دولِ مجلسِ التعاونِ، ومحاربةَ الرؤى المتقدمةِ للبناءِ الدستوريِّ والقانونيِّ فيها، لقد كانت ظلالُ القوقعةِ تمتدُّ على ديارنا العربيةِ، وبلادِ العالمِ، ناشرةً فيها الإرهابَ والتطرفَ والجاهليةَ، فلا جريمةَ إرهابيةً عظمى إلا وللسعوديةِ يدٌ فيها. ولننظرْ، مثلاً، إلى تنظيمِ القاعدةِ الذي نشأ وترعرعَ في أحضانِ مخابراتها، وبدعمٍ سياسيٍّ وإعلاميٍّ وماليٍّ من قادتها. ثم انقلبَ السحرُ على الساحرِ، فاندفعَ الإرهابيونَ السعوديونَ إلى القوقعةِ ليذيقوها ما أذاقته لدولٍ وشعوبٍ كثيرةٍ، لكنَّ القوقعيينَ لم يفهموا أنَّ الإرهابَ لا تمكنُ محاربته إلا بالعدالةِ والتنميةِ والحرياتِ، فاستمروا في إفقارِ شعبهم وتجهيله وتهميشه، يساعدهم جيشٌ كبيرٌ من علماءَ منافقينَ، ورعاعٍ إعلاميينَ. الغريبُ في شأنِ القوقعةِ أنها تتورمُ بالخطايا السياسيةِ التي يدفعُ العربُ والمسلمونَ أثمانها من دمائهم ومصائرهم، وتنتفخُ بالتخبطاتِ في سياساتها الداخليةِ، وتكادُ تتهاوى جدرانها تحت تأثيراتِ انقيادها لحكامِ إمارةِ دحلانَ، ورغم ذلك، لم يزلِ الغوغائيونَ من مسؤوليها وإعلامييها، والمتيقحةُ نفوسهم بكراهيةِ الإسلامِ والعروبةِ من علمانييها، وسقطُ المتاعِ من أدعياءِ العلمِ فيها، يتحدثونَ عنها كقوةٍ عظمى لها تأثيرٌ ودورٌ في العالمِ.