30 سبتمبر 2025

تسجيل

مَنْ يحاصر مَنْ ؟

26 ديسمبر 2017

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وبعد...  في قاموس المعجم الوسيط المعاصر معنى (محاصر) فاعل مِنْ حَاصَرَ،  والقوَّة المحاصِرة : قوى تعمل على عزل دولة أو منطقة أو مدينة لمنع المقايضة ، وقيل : حَصِرَ لم يقدر على الكلام، وحَصِرَ صدرُه أي (ضاق) ، قال تعالى "إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ" .  وفي التاريخ الإسلامي وردت معاني كثيرة عن الحصار ولعل أبلغها تعريفه بأنه أسلوب خطير يلجأ إليه العدوعندما ينتشر الإسلام وينتصر الإسلاميون ، وعندما لا يتمكن العدو من مقابلة الحجة بالحجة ، وبكل محاولات العدو على مر التاريخ لم يتحقق ذلك لأعداء الاسلام لأن المسلمين يستمدون قوتهم من الله تعالى، فهم يتمسكون دائماً بالصبر والصمود والثبات على الحق، وعلمتنا الأحداث على مر العصور أن الصبر سبب في العزة والكرامة وانتقال الإنسان من حالة الضعف إلى حالة القيادة والرئاسة. لقد عُرف (الحصار) منذ القدم بأنه عمل ذو طبيعة حربية، يهدف إلى عزل منطقة جغرافية لإضعاف مقاومتها وقطع الإمدادات عنها وإرغامها على الاستسلام ، ثم فرض الشروط على الخصم المستهدَف ، كما يهدف الحصار وفق التعريفات المتواترة الى اضعاف إمكانات دولة ما ، والضغط عليها لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف ، فقد شاع استخدام وصف (الحصار) للتعبير عن تلك الحالة ، وهو وصف لا يبتعد عن الحقيقة عند النظر إلى الوسائل المستخدمة والأهداف المقصودة. نعود الى الحصار الغاشم الذي فُرض على دولة قطر والذي تجاوز المائتي يوم وهي مدة كافية لظهور نتائج وآثار هذا الحصار ، وهذه المدة كافية بان تدعونا الى وقفة متأملة لما نجم عن هذا الحصار الفاشل ، وما يتوقع أن ينبئ عنه من آثار مستقبلية يستطيع المحلل الموضوعي المحايد استشرافها. ووفق هذه الرؤية لا يمكن وصف إجراءات الحصار ضد دولة قطر التي لجأت إليها دول الحصار الغاشم وهي (السعودية والامارات والبحرين ومصر) إلّا بأنها حالة فردية خارج إرادة المجتمع الدولي ، وانها تفتقر إلى الغطاء الشرعي الدولي ، ويعزز هذه الرؤية واقع التأييد الإقليمي والدولي الواسع لموقف قطر، ورفض ما تعرضت له من موقف عدائي مفاجئ من أربع دول ، بينها ثلاث دول يجمعها وقطرغطاء اقليمي هو مجلس التعاون الخليجي!. معلوم ان دولة قطر تعاملت مع أزمة الحصار من منطلق موضوعي هادئ التزم أحكام المواثيق الدولية ، بما تقرره من حقوق والتزامات ، فجاء صوتها مسموعاً في كل المحافل الدولية وحاز على التفهم والاحترام ، وكون الحصار خارجاً عن الإرادة الدولية وكون قطر تعاملت معه بعقلانية فقد جعل منه عديم الأثر ، وأدت تلك المواجهة إلى تفككه بإجراءات ساهمت فيه منظمات دولية مختصة.  في كل حالات الحصار التي قدمها لنا التاريخ ، ظل هدف من يمارس الحصار المراهنة على الزمن على أمل أن تضعف قدرة الطرف الاخر ،  والنتيجة هي الخيبة والتهاوي بلا شك  .. لكن أتراهم وصلوا إلى مرادهم أو هم واصلون في يوم ما .. الجواب : لا.. وألف لا .  دول الحصار أفلست سياسياً وثقافياً وإعلامياً وهي تعيش تناقضاتها الداخلية ويحاول كل منها الخروج من المأزق متعلقا ولو بخيط من سراب ، فمن يحاصر من؟  وسلامتكم